من التطبيع الرياضي  إلى التطبيع الثقافي

من التطبيع الرياضي  إلى التطبيع الثقافي

  • من التطبيع الرياضي  إلى التطبيع الثقافي

افاق قبل 4 سنة

 

من التطبيع الرياضي  إلى التطبيع الثقافي

المحامي علي ابوحبله

إسرائيل ترى العالم العربي الكبير والمتنوع والغني بالمقدرات البشرية طريقها لترسيخ وجودها كقوة إقليميه متفوقة عسكريا واقتصاديا ، وهي تسعى إلى إقامة علاقات كبيرة على المستوى العلمي والأكاديمي والثقافي ، وتستغل التطبيع مدخل لتحقيق أهدافها ومخططها بدءا من الرياضة وصولا إلى التطبيع الثقافي مع إسرائيل ،  فمنذ أن تسلم مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير مهامه ، بإطلاق صفقة القرن في حزيران (يونيو) الماضي، والحديث عن مشاريع اقتصاديه واستثماريه  للتحفيز بقبول خطة السلام الصهيو امريكيه وإغراءات ماليه للدول العربية المجاورة للقبول بخطة صفقة القرن  ، دخل الإعلام  الموجه ليمهد لأعمال التطبيع ، واضعاً كلّ ثقله للتسويق للدعاية المسمومة. راح يتلاعب بالمصطلحات ويطوّعها خدمةً للمشروع  الصهيو –أمريكي . بعض القنوات العربية شكّلت رأس حربة في الترويج للصفقة، من خلال ترداد كلام كوشنير بوصف الصفقة «فرصةً لمستقبل أفضل للفلسطينيين». شكل الإعلان عن «صفقة العار» المدخل الأوضح والمعلَن لتصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة إغواء وإغراء باقي الشعوب التي تعيش بالجوار الفلسطيني بالأموال. الخطة الأميركية، فرملت، بعد رفض فلسطيني رسمي وشعبي، واصطدمت برفض أردني رسمي وشعبي واجتياح كورونا للعالم. تغيّرت الأجندات، واستحوذ الوباء على المشهد السياسي والإعلامي. لكن مع وصول شهر رمضان ، ومسلسلات رمضان  بدأت ملامح مرحله ، تتقاطع مع ما حصل قبل عام تقريباً، في دول الخليج. هذه المرة، دخل صنّاع الدراما على الخط، ووضعوا ثقلهم على شبكة mbc ، واستغلوا الشهر الكريم، لبثّ مزيد من السموم، واللعب على المغالطات التاريخية، سعياً للعبور نحو بوابة التطبيع المباشر مع الاحتلال الإسرائيليبعد نجاح التطبيع الرياضي .

ضمن هذا السياق السياسي جاء مسلسل «أم هارون» (تأليف محمد وعلي شمس، إخراج محمد جمال العدل)، الذي نجح في إثارة الجدل منذ طرح إعلانه الترويجي قبل أيام من رمضان. تعالت الأصوات، متّهمةً المسلسل بانه مغالط للتاريخ ، واستخدامه الدراما للولوج صوب التطبيع. المسلسل الذي مُنع في الكويت، بسبب تعارضه مع التوجهات السياسية الرسمية الداعمة للحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ،  تصدرت بطولته الممثلة الكويتية حياة الفهد، التي جسّدت سيرة «أم هارون» اليهودية، في إطلالة على حياة يهود الخليج، وتحديداً في الكويت خلال أربعينيات القرن الماضي. تتشارك الفهد في إنتاج العمل من خلال شركتها «الفهد» بالتعاون مع شركة «جرناس» للإماراتي أحمد الجسمي. وكلاهما يعمل كمنتج منفّذ لدى الشبكة السعودية. علماً أن المسلسل صوّر بالكامل في الإمارات، بعد حيازته إجازة نصّ هناك.

حراك إلكتروني سريع، جابه الأفكار المسمومة التي يصدّرها المسلسل، ودعا إلى مقاطعته، بما أنه يستخدم اللغة الدرامية، ويتكئ على المغالطات التاريخية، لإثارة التعاطف مع اليهود الذي يعودون إلى «أرضهم» (أي فلسطين) وفق سياق المسلسل! على رأس هذه الحملات «اتحرك» التي دعت إلى مقاطعة المسلسل، واعتباره مروّجاً «لإزالة الحاجز النفسي والعدائي» لدى العرب تجاه «إسرائيل»، من خلال الدعوة إلى التعايش معها. مع بدء حلقات المسلسل، ظهّرت أكثر فأكثر الرسائل التطبيعية والخادعة، خاصة في إخفاء أي ذكر لفلسطين، مقابل الاعتماد على الرواية الصهيونية في عودة الصهاينة إلى «إسرائيل». الجدل المثار حول المسلسل الخليجي، لم يقف عند حدود أخذ ورد عربي، بل دخل الإسرائيليون مباشرةً على الخطّ، والتقطوا الضجّة المثارة حوله، وراحوا يشيدون في إعلامهم بالعمل. وكذلك فعل المتحدّث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي. *. إن استغلال الأعمال الدرامية لتغيير وتشويه الحقائق التاريخية أمر ليس بجديد.. فعندما حاولت أمريكا على سبيل المثال، تشويه صورة سكان القارة الأمريكية الأصليين الهنود الحمر، أمرت هوليوود بإنتاج الآلاف من الأفلام والمسلسلات وكلها أكاذيب تهدف إلى تمجيد الرجل الكاوبوي الأبيض ولتشويه تاريخ وصورة الهنود الحمر.. اليوم يرتكب المطبعون المنبطحون العرب والخليجيون نفس الجريمة بإنتاج أعمال مثل ‫(ام هارون) و(حارة اليهود) و(مخرج7)، لتشويه القضية الفلسطينية والإساءة للشعب الفلسطيني وتمجيد اليهود والصهاينة الذين يغتصبون فلسطين!.

 

التعليقات على خبر: من التطبيع الرياضي  إلى التطبيع الثقافي

حمل التطبيق الأن