عملية خانيونس؟

أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟

  • أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟
  • أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟
  • أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟
  • أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟

اخرى قبل 5 سنة

أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟

 

بالقرب من موقف سيارة مخيم الشاطئ الواقع غرب مدينة غزة، تجمهر مجموعة من الأشخاص قبل أيام على وقع مشادة كلامية تطورت نحو اشتباك بالأيدى، هذه المشادة نجمت عن اشتباه مواطن في سيدة من سكان المنطقة؛ وأنها عنصر من القوة الإسرائيلية الخاصة التي نشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس»، صورها قبل أيام على إثر عملية خانيونس.

حين اكتشف ذوى السيدة ما تعرضت له من اتهام وسط الشارع؛ سارعوا لضرب الرجل، ليظهر من الحادث أن المواطنين في غزة قد خزنوا صور القوة الخاصة بذاكرتهم في محاولة منهم لمساعدة الأمن في الوصول إلى تلك العناصر، والمحصلة أن تفاصيل المعركة التي سبقتها آمال كبيرة بتحسن الوضع في قطاع غزة إثر تفاهمات التهدئة مع إسرائيل ليست كما بعدها، وأن «حماس» التي احتفلت بما اعتبرته نصرًا في كشف القوة الخاصة؛ باتت تُدرك أن الوقت القادم هو الأخطر في معركتها مع العدو الإسرائيلي.

حين اعترف «العميل» ولم تصدقه حركة المقاومة

في الخامس من مايو (أيار) الماضي، اشتبهت عناصر من كتائب عز الدين القسام بوجود جهاز تنصّت، زرع في غرفة مقسّم للاتصالات السلكية التابعة له والواقعة بين منطقة الزوايدة التي تتوسط بطبيعتها الخضراء قطاع غزة ومدينة دير البلح، وتحديدًا داخل منزل يعود لعائلة الحايك.

 

أفراد من قوات الأمن الفلسطينية بغزة يقومون بدورية على الحدود

 

وسرعان ما استُدعيت عناصر في مجال هندسة الاتصالات الأكثر خبرة لحل لغز هذا الجهاز، إذ نجح هؤلاء «بعد عملٍ وجهدٍ دؤوب في الوصول إلى تلك المنظومة الخطيرة، وأفشلوا هذا المخطط الاستخباري التجسسي الكبير الذي كان يعوّل عليه العدو وأجهزة مخابراته» كما أعلنت «حماس»، إلا أن بعض الأسرار التي اكتشفها الخبراء ربما لم تخرج حتى إلى آذان قادة «حماس» الذين انتظروا حل اللغز؛ إذ كانت المنظومة الخطيرة تحمل في تركيبتها التفجير الآلي؛ مما أوقع انفجارًا شديدًا أدى إلى  «استشهاد ستة من خيرة شباب حماس» كما يقول المناصرون للحركة.

وعلى الجانب الآخر، قالت «حماس»: إن رجالها «كانوا يتعاملون مع أكبر منظومة تجسس فنية زرعها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة خلال العقد الأخير»، لكن «كتائب القسام» التي وعدت بكشف تفاصيل العملية لاحقًا لم تفعل ذلك، وتوقف الأمر عند اتهام اسرائيل بالمسؤولية عن العملية دون معرفة كيف تمكن من ذلك. وبقى الغالب لدي المحللون أن عملاء فلسطينيين هم من قاموا بوضع ﻋﺒﻮﺓ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﺑﻴﻨﺔ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ لاختراق أنظمة الاتصالات التابعة لها، كما وضعوا ﺟﻬﺎﺯ ﺗﺸﻮﻳﺶ واختراق ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ.

وكما هو معتاد إثر هذه العمليات تقوم «كتائب القسام» والحكومة في غزة بحملة أمنية تسفر عن الكشف عن عملاء فلسطينيين تورطوا في تنفيذ هذه العملية، وكان أحدهم مقاول فلسطيني يبلغ من العمر 47 عامًا تم تجنيده خلال مروره من حاجز بيت حانون (إيرز) إلى الأراضي المحتلة، الصادم أن هذا العميل الذي أصدر القضاء العسكري في داخلية غزة ضده حكمًا بالإعدام شنقًا حتى الموت قبل يومين فقط، كان قد اعترف إثر اعتقاله مباشرة بعد تفجير مقسم الاتصالات، أي قبل نحو ستة أشهر، بقيامه بمساعدة قوة خاصة إسرائيلية داخل قطاع غزة، وقال إنه وفر لها دعمًا لوجستيًا مهمًا، لكن أمن المقاومة استبعد صحة ما قاله؛ لترجيح استحالة مخاطرة دولة الاحتلال بإدخال قوة خاصة للقطاع ولعدم تقديم العميل أدلة على ذلك، وبذلك ضُمت هذه العملية إلى مجموع العمليات الاستخباراتية التي تمكنت فيها حماس من  تفكيك خلاياها من العملاء، والتي كان أبرزها كشف الخليّة التي اغتالت القياديّ في القسّام مازن فقها في مارس (آذار) الماضي، ونفذ حكم الإعدام في حق ثلاثة متورطين في مقتله في 25 مايو الماضي.

«حماس» تدفع ثمنًا باهظًا لإهمال معلومات أمنية!

خلال الأيام القليلة الماضية، عاد العميل السابق ليصبح محور حديث الساحة الفلسطينية؛ إذ كانت المعلومة التي أدلى بها وتم إهمالها محطة جديدة في معركة الفلسطينيين الاستخبارية مع إسرائيل؛ وذلك إثر التطورات التي تمخضت عن عملية «حد السيف» التي وقعت في خانيونس يوم الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الأول) 2018، والتي أسفرت عن استشهاد ستة من «كتائب القسام»، أبرزهم القيادي نور بركة على يد قوة إسرائيلية خاصة كانت «تجول وتصول» في قطاع غزة.

ودفع الانتقال للحديث عن تفاصيل هذه العملية قوى الأمن بغزة للعودة إلى التحقيق من جديد مع هذا العميل، فتعرف على صور اثنين من عناصر القوة الإسرائيلية الخاصة التي شاركت في عملية خانيونس، ولذلك كان هذا العميل أول من أُقر إعدامه قبل يومين مع خمسة عملاء آخرين، وقد جاء في لائحة الاتهام ضده أنه قام بإدخال قوات خاصة إلى قطاع غزة في أكثر من مرة، كما أنه: «قدَّم معلومات عن رجال المقاومة، وتحديد أماكن سكناهم ووسائل تنقلهم، وقام المتهم باستئجار قطعة أرض لتسهيل دخول قوات خاصة لتنفيذ مهام في قطاع غزة، ورصد المنطقة التي كان يسكن فيها الشهيد مازن فقها، وتقديم معلومات عنها».

وبالعودة إلى تفاصيل عملية خانيونس التي وقعت مساء يوم الأحد، فبينما كان عناصر القسام يؤدون مهام «الرباط»، كلٌّ في مكانه في منطقة حدودية تقع شرق مدينة خانيونس، مرت سيارة من نوع فولكسفاجن بهامجموعة من الرجال والنساء؛ فاشتبه بها عناصر القسام وأوقفوها على حاجز أمني، ليُقدم مَن بالسيارة بطاقات شخصية تحمل أسماء وصور مواطنين فلسطينيين، اكتشف لاحقًا أنها مزيفة، وادعى هؤلاء أن مهمتهم هي نقل المرضى والمصابين وإعادتهم إلى بيوتهم، وكان معهم كرسي متحرك، هذه المعلومات الأولية، بالإضافة لكون لهجة المتحدثين لا تتطابق مع لهجة سكان شرق خانيونس التي ادعوا أنهم منها؛ أثارت شكوك قوى الأمن في غزة، وحينها طلب العناصر من السيارة الانتظار لحين وصول المسؤول الأمني القائد بـ«كتائب القسام» و«ابن المنطقة» نور الدين بركة، الذي سرعان ما أعلن عدم قناعته بالمعلومات أيضًا، خاصة أن القوة قالت إنهم جاءوا لتقديم المساعدة الطبية لإحدى نساء منطقة عبسان، والتي تأكد بركة بنفسه أنها قد توفيت منذ فترة.

وحين شعرت القوة الخاصة الإسرائيلية بقرب انكشاف أمرها بادرت بإطلاق النار على عناصر «القسام» بالتزامن مع وصول فرقة خاصة من سلاح الجو الإسرائيلي لإنقاذهم من القتل، أو الأسر على أيدي «كتائب القسام»، ورغم أن عملية الإنقاذ لا زالت ضمن التعتيم المعلوماتي من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية، إلا أن موقع «إسرائيل أوف تايمز» نقل رواية ادعى أنه استخلصها من إرسال اللاسلكي لعناصر «حماس»، جاء فيها أن العناصر خاطبوا بعضهم قائلين: «إلى جميع القوات والمواقع، سيارة فولكسفاجن زرقاء تسير بشكل مشبوه وبسرعة كبيرة بالقرب من الجامعة الإسلامية، هناك أشخاص مشبوهون في المركبة، إنهم خطرون، اقتربوا بحذر».

وبحسب الموقع فإن عناصر من حماس اعتقدوا في البداية أن القوة الخاصة  «عصابة إجرامية، أو ربما جماعة ميليشيا لا تخضع لسيطرتها»، لكن سرعان ما أدرك عناصر «القسام» أنهم يتعاملون مع إسرائيليين، ويقول أحد الأصوات عبر اللاسلكي: «طائرت مقاتلة تمر فجأة من فوقنا، على الجميع توخي الحذر، أصغوا جيدًا لتعليماتنا، إنهم يهود».

ويزعم تقرير الموقع الذي نقل إشادة القادة الإسرائيليون بمحاولة إنقاذ الجنود الإسرائيليين من الأسر وقتل المزيد منهم، ووصفوه بـ«البطولي» أن: «المسؤولين في حركة حماس اعتبروا أن المعركة كانت فاشلة؛ لأن الهدف الرئيسي منها كان الإمساك بالجنود الإسرائيليين الذين كادوا يضعون أنفسهم في قبضة حماس».

وانتهت هذه الاشتباكات بمقتل بركة وستة مقاومين آخرين، ومقتل قائد الوحدة الإسرائيلية وهو ضابط رفيع، وإصابة ضابط آخر، وفقًا لمصادر في حركة «حماس». وكانت الوحدة الإسرائيلية قد حضرت من أجل تبديل معدات للتنصت داخل القطاع، كانت منصوبة من قبل في أماكن محددة، وهو الأمر الذي أكدته مصادر إسرائيلية، إذ اعتبرت أن هدف تلك القوة الإسرائيلية الخاصة هو القيام بعملية استخبارية لجمع المعلومات عن القدرات العسكرية لحركة «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى أو زراعة جهاز تجسس في مكان ما بمدينة خانيونس.

ما بعد عملية خانيونس.. هل ستعاود قوات الاحتلال عملياتها الخاصة في قطاع غزة؟

انتهت ليلة عملية خانيونس القاسية، ولم ينته حتى الآن ما بعدها عند حدود القصف المتبادل بين فصائل المقاومة والاحتلال الذي توقف بهدوء ناتج عن تحركات دولية؛ فقد سارعت «حماس» بالتحفظ على كل ما خلفته القوة الإسرائيلية من أمتعة شخصية ومشروبات وطعام، وخيام، وأدوات اتصالات، ولوحات إلكترونية لم تعرف وظيفتها.

ثم انطلقت في حملة أمنية ركزت على المناطق الشرقية لمدينة خانيونس، وتحديداً قرب الحدود مع إسرائيل، في محاولة لمنع هرب المشتبه بهم في مساعدة القوة، فيما شهد داخل المناطق الفلسطينية عشرات الحواجز الأمنية التي تقوم بتفتيش السيارات.

وكان الأكثر بروزًا في تحركات قوى الأمن في غزة هو ما حدث في يوم 12 نوفمبر 2018، حين نشر موقع «كتائب القسام» صورًا واضحة لأفراد القوة الخاصة، بينهما امرأتين؛ بدا فيها جميع العناصر ذوو ملامح قريبة جدًا من الملامح العربية، وفيما طلب «القسام» من سكان قطاع غزة تقديم أية معلومات تتوفر عن هؤلاء، كانت الرسالة الأخطر موجهة للإسرائيليين، وسؤالهم عن العناصر المنتمين لوحدة تسمى «سييرت متكال» أو «سرية الأركان»، وتعد أكثر وحدات جيش الاحتلال نخبوية؛ إذ أنشأت «حماس» خطًا تليفونيًا أشبه بالمخبر الأمني، دعت فيه الإسرائيليين للاتصال دون كشف أسمائهم وتزويدها بمعلومات عن الوحدة.

وتكمن الخطورة على الاحتلال هنا كما يقول المحلل السياسي في موقع «يسرائيل بلاس» ابن كاسبيت، أن: «إسرائيل دولة صغيرة ومن السهولة بمكان التعرف على وجوه العناصر التي نشرتها حماس وتشخيصها، وتبادل الحديث بشأنها، وكشف المزيد من المعلومات التي قد تعرض أمن إسرائيل للخطر»، وتابع ابن كاسبيت القول: «ما قامت به حماس تسبب بإشكالية كبيرة لمنظومة الأمن الإسرائيلية؛ ما يفرض عليها نمط عمل جديد في أدائها الميداني، وإحداث تغيير جوهري في طرق العمل الاستخبارية السرية، وربما يؤثر سلبًا على تفوقها الدائم في هذا المجال أمام أعدائها».

ولمواجهة تحركات «حماس» قامت إسرائيل بدفع إدارة «فيسبوك» لحذف صور أعضاء القوة الإسرائيلية الخاصة التي نشرتها «القسام»، ومنعت تداولها أيضًا عبر المراسلات الخاصة، إلا أن أمن المعلومات التابع للمقاومة تمكن من اختراق العديد من الصفحات والمواقع الإسرائيلية وقام بنشر الصور.

وبالعودة إلى ما تأكد من أن هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها قوات عسكرية خاصة إلى عمق القطاع، وأن القوة التي تورطت في عملية خانيونس مكثت أكثر من 24 ساعة على الأقل قبل خروجها لتنفيذ مهمتها؛ إذ كان لدي القوة بيت مستأجر، وعملت تحت إطار العمل الإنساني؛ يضع احتمال وجود قوات أخرى دخلت القطاع ولم تخرج بعد، بدليل أن قوى الأمن في غزة قامت بإغلاق جميع منافذ القطاع وزيادة المراقبة والمتابعة في المناطق الحدودية خشية أي تحرك غريب.

وبالرغم من اعتراف إسرائيل بتلقيها ضربة موجعة في ظل قناعاتها أن نسبة الفشل بين مئات العمليات السرية في السنة في كل الجبهات والأماكن تقترب من الصفر، إلا أن فشل عملية خانيونس لن يوقف العمليات العسكرية السرية الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ تؤكد مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي على أن هذه العمليات «ضرورية وستتواصل، بعد استخلاص العبر ذات العلاقة من هذه العملية الفاشلة»، وهنا تشبه المصادر الإسرائيلية مصير هذه العملية بمصير إسقاط طائرة التجسس الروسية في غرب سوريا قبل شهرين، إذ إنها عملية قيّدت حرية التحركات الإسرائيلية في سوريا، وكان لها تبعات، لكن قوات الاحتلال عادت خلال الأيام القليلة الماضية، واستأنفت ضرباتها في الأراضي السورية.

 

التعليقات على خبر: أين أخفقت «حماس» في عملية خانيونس؟

حمل التطبيق الأن