مهمة الجميع

مكافحة الفساد مهمة الجميع

  • مكافحة الفساد مهمة الجميع

افاق قبل 5 سنة

مكافحة الفساد مهمة الجميع

ان مكافحة الفساد هي مصلحة مشتركة للجميع لا تتوقف عند الحكومة أو هيئه مكافحة الفساد او الجهات الرقابية بل يجب ان يشترك فيها الجميع من أفراد ومؤسسات حكومية ومؤسسات المجتمع المدني مثل النقابات والأحزاب والجمعيات والأندية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

والفساد يظهر بأشكال متعددة تبدأ من استغلال المنصب العام في خدمة المصالح الشخصية الضيقة، وسرقة المال العام، والتلاعب بالصفقات والعقود والعطاءات والتواطؤ مع مقدمي هذه العطاءات، والرشاوى وتجاوز القانون لتسهيل حركة المعاملات والاحتيال في تنفيذ العقود المبرمة وإساءة استعمال المال العام وتحويل جزء منه إلى الحسابات الشخصية لأصحاب المنصب أو الموالين لهم، واستخدام المنصب الحكومي في التهديد والابتزاز والترزق والانتفاع والتسلق والوصولية والانتهازية عن طريق الشخص نفسه أو أفراد أسرته أو المؤيدين له، كما يشتمل الفساد على الاستفادة من المركز الوظيفي في الاحتيال على المال العام وصرف وتهريب البضائع والسلع غسيل الأموال وتجارة المخدرات وتجارة الجنس وتوظيف الأقارب والمحاسيب والبطانة والمؤيدين والموالين دون وجه حق ولغايات شخصية وفردية ضيقة.

وهذه الأشكال والمظاهر وغيرها تنعكس في النهاية سلبياً على علاقة الأفراد بالحكومة وتؤدي إلى استباحة القانون العام وزعزعة الاستقرار في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية, وتهدد الأمن العام للمجتمع، وتؤدي إلى انتشار الفقر والجوع والبطالة والفساد الاجتماعي والأخلاقي وانحطاط قيم المجتمع وتجارة المخدرات والجنس،

كما تؤدي إلى إطفاء نور الديموقراطية, وتقضي على روح المبادرة الفردية الخلاقة وإحباط المقومات الأساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع. وبالتالي فإنها تهدد بالانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي وتؤدي إلى قيام الثورات ونشوب الحروب الأهلية الطاحنة والتي لا يسلم منها أحد.

وهناك قناعة راسخة عند الناس المثقفين منهم والبسطاء بان الفساد بمختلف أشكاله لا ينمو ولا يتربع إلا من خلال استغلال المنصب العام والمركز الوظيفي وبدلا من أن تكون الوظيفية العامة وسيلة لبناء وازدهار المجتمع تصبح وسيلة رئيسية لهدمه وانهياره، وضياع مستقبل أبنائه.

ويزداد الفساد قسوة وضراوة إذا تورط فيه أصحاب المناصب العليا في الدولة أو سمحوا بوجوده حينذاك فانه من الصعب هزيمته لأنه باختصار لا يوجد من يحاربه بل يوجد من يدافع عنه حيث تمنح الحصانة الأشخاص الفرصة للإفلات من المسؤولية. كما تتوسع دوائر الفساد وتتحكم بمقاليد السياسة والحكم عندما تغيب الحريات العامة وسيادة القانون والصحافة الحرة ووسائل الإعلام النزيهة وتتفشى أساليب القهر والتسلط والإقصاء، وعندها يصبح الفساد ظاهرة اجتماعية سياسية اقتصادية متجذرة في تركيبة الدولة وهياكلها ، حيث تكون مؤسسات الدولة تربة صالحة لتوسيع دوائر الفساد وانتشار المحسوبية والانتهازية والقفز على المناصب بدون وجه حق وتسلل اللصوص والسارقين إلى مؤسسات الدولة والمناصب السياسية والإدارية، فتصبح دائرة الفساد عبارة عن مؤسسة كبيرة مترامية الأطراف والفروع تقوم بتوظيف وتسخير أموال المجتمع ومدخراته وموارده المالية والمادية والبشرية وإنجازاته لخدمة مجموعة منظمة من الشخصيات الفاسدة والمفسدة.

وتشير العديد من تجارب الدول ان مكافحة الفساد المالي والإداري تتطلب القضاء على مسبباته دون خوف أو حرج والضرب بيد من حديد على من تطال يده المال العام، ففي الصين مثلاً يحكم على من تثبت عليه تهمة الفساد المالي والإداري والرشوة بالإعدام وفي موزمبيق يقطع رأس المفسد وفي بلاد الماوماو يحاكم المفسد بالحرق حياً. على انه لا بد عند مكافحة الفساد من وجود إرادة سياسية حقيقية للإصلاح واجتثاث بؤر الفساد وهذا يتطلب:

• تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون استثناء الغني أو الفقير القوي أو الضعيف وهذا يتطلب وجود القضاء النزيه والعادل الذي لا تتدخل الحكومة في تعيينه وإفساح المجال لانتخاب القضاة على قاعدة الكفاءة المهنية والقانونية والأخلاقية وتوفير مستوى مادي لائق لهم يقيهم من الانحرافات. ونحن نردد ما قاله تشرشل يوماً "كل شيء يمكن تصحيحه طالما القضاء بخير". كما يتطلب هذا سن القوانين الرادعة للقضاء على الفساد والرشوة وهدر المال العام، وفرض العقوبات المؤثرة وان تتناسب العقوبة مع الجريمة, وسن قوانين التي تكفل حرية الحصول على المعلومات والشفافية والنزاهة.

• دعم حرية الصحافة ووسائل الأعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية وإطلاق يدها دون حسيب أو رقيب لانتقاد وتعرية كل مظهر من مظاهر وقوى الفساد مهما بدت صغيرة وتافهة, وكلنا يذكر دور الصحافة الغربية في كشف العديد من ملفات الفساد الضخمة التي أطاحت برؤساء دول ووزارات.

 

• تعبئة قوى المجتمع المدني من الأحزاب والنقابات والمؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإشراك الجميع في التصدي والقضاء على هذه الآفة. فمناخ الحرية هو المناخ الصحيح الذي يسمح بالتعرف على بؤر الفساد وإصلاحها ومراقبة الأداء العام لكل مسؤول وفضح السلوكيات الخاطئة دون خوف من سجن أو فصل تعسفي.

• تطبيق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب والاعتماد على الكفاءة والنزاهة والأخلاق في التعيينات في المناصب العامة كافة، دون النظر إلى العرق أو الدين أو الجنس أو الأصل أو العائلة واختيار الأشخاص الأكفاء والمنزهين عن المنافع والضيقة والأغراض الشخصية. وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والجدارة والكفاءة والأخلاق والخدمة العامة والحق العام والعدالة والخير للجميع وغيرها.

• ان يتقدم كل من يستلم مسؤولية عامة بكشف عما يمتلكه من مصالح مالية ومادية هو وأفراد أسرته القريبين قبل ان يباشر مهامه وبعد ان ينهيها.

• شفافية الأداء العام والقرارات الحكومية وتكريس مبدأ المساءلة، فحيث يوجد التكتم وتنتشر مظاهر التعتيم والأسرار يوجد الفساد والمحسوبية وسرقة المال العام.

• تطوير مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإبراز أهمية الشفافية في التعامل بهدف تحقيق النزاهة في المعاملات المشتركة.

• تدريب الموظفين الحكوميين على اكتشاف وردع الاحتيال والفساد والرشوة والمحسوبية في دوائر الحكومة المختلفة، وتخصيص الجوائز والمكافآت المادية والمعنوية لذلك، وضمان الحماية لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى الكشف عن مظاهر الفساد العام. وتوفير خط ساخن مباشر عن طريق الهاتف أو الإنترنت مخصص للإبلاغ عن حوادث الفساد وتسجيلها.

• الاستفادة من التجارب الدولية في هذا الإطار ونذكر منها تجارب البنك الدولي والمعهد الدولي للأخلاقيات العامة ومركز المشروعات الدولية الخاصة ومركز الخليج للامتياز الأخلاقي وغيرها من المراكز والمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق النزاهة وإبراز أهمية الشفافية والأنظمة الديموقراطية في مكافحة الفساد وبناء ثقافة احترام القانون في المجتمع.

• الاعتراف بوجود الفساد المالي والإداري والتزام الحكومة بمحاربته، وهذا بدوره يؤدي إلى تكاثف الجميع في محاربته.

• إصلاح أنظمة الترشيح والاختيار والتعيين للوظائف العامة للقيادات العليا والمتوسطة والدنيا، وإصلاح أنظمة العطاءات والمناقصات والميوامات والبعثات وغيرها من النظم، وأنظمة تقييم الأداء الحكومي، وإنشاء أنظمة وقائية ورقابية مستقلة لمكافحة الفساد، وتوفير الحماية والدعم لمن يرشد عن الفساد.

وأخيراً وليس أخراً نشير إلى ما قاله المفكر الاقتصادي المتميز الفرد مارشال الذي قال" إن الإدارة الحكومية بحكم أنها تجسيد متكامل لدولة المؤسسات هي من أعظم الممتلكات الإنسانية وأنها جديرة بكل الجهود التي تبذل لتمكينها من أداء عملها بالصورة المثلى. ويبقى هناك تحفظ أساسي، وهو ينبغي عدم توظيفها لعمل غير مؤهلة له". (انتهى الاقتباس). ونحن نضيف ونقول أن الإدارة الحكومية التي تتوافر فيها عناصر الشفافية والكفاءة والاقتصاد والمساءلة والنزاهة، يصعب على الفساد الاختباء فيها ويصعب أن تكون بؤرة للمفسدين.

التعليقات على خبر: مكافحة الفساد مهمة الجميع

حمل التطبيق الأن