هل العرب أمّة العرب مُحارِبة.؟

هل العرب أمّة العرب مُحارِبة.؟

  • هل العرب أمّة العرب مُحارِبة.؟

اخرى قبل 2 سنة

هل العرب أمّة العرب مُحارِبة.؟

بقلم د. محمد الجاغوب

هل العرب أَمةٌ محاربة.؟ هل هم أصحاب شجاعة وبأس،؟

هل أثبتوا كفاءةً في الحروب التي خاضوها على مرّ التاريخ.؟ هل لديهم القدرة على حماية أوطانهم وأعراضهم ومقدساتهم؟

لو استعرضنا حال العرب قبل الإسلام وبعده لوجدناهم رجالَ حرب وتضحية، لا يصبرون على ضيم، ولا يجبُنون عن نجدة أخٍ او حليف.. فقبل الإسلام كان لهم أيام عسكرية بين القبائل عُرفت بأيام العرب نافَ عددُها عن الألف يوم.. وبعد الإسلام ظل العربُ أشدّاءَ على الكفارِ رحماء بينهم تراهم رُكّعاً سُجّداً يبتغون فضلاً َمن الله ورضوانا.. واصلوا حروبهم وتجلت شجاعتهم وخبراتهم الميدانية في الفتوحات الإسلامية ونشر الدين الإسلامي، فصالوا وجالوا وحموا الذمار والديار، وصانوا المقدسات والأعراض. كان ذلك في حروب سلاحُها السيوف والرماح والخيول، ولا تتطلب غير الجرأة والشجاعة، يقول شاعرهم عمرو بن كلثوم:

مَتى نَنقُل إِلى قَومٍ رَحانا يَكونوا في اللِقاءِ لَها طَحينا

وكانوا يتنقّلون بين طعن الرماح في حال تباعد الأعداء وبين الضرب بالسيوف في حال اقترابهم منهم، يقول:

نُطاعِنُ ما تَراخى الناسُ عَنّا وَنَضرِبُ بِالسُيوفِ إِذا غُشينا

كَأَنَّ سُيوفَنا فينا وَفيهِم مَخاريقٌ بِأَيدي لاعِبينا

لا فرق في الشجاعة بين الشباب والشيوخ فكلهم ذووا خبرة

بِشُبّانٍ يَرَونَ القَتلَ مَجداً وَشِيبٍ في الحُروبِ مُجَرَّبينَا

يصطحبون نساءهم للحرب يُطعمن الجياد ويُسعفن الجرحى ويبعثن الحميّة في نفوس رجالهنّ، و الرجال يحفظونهنّ، فهنّ في عرف العربي مُحصناتٌ مكرّمات، فعندما تعرّضَ عِلجٌ روميّ لامرأة عربية بسوء صاحت مستنجدة بأمير المؤمنين المعتصم بن هارون، فقال: لبيكِ لبيكِ وكان ردّه سريعا، جهّز جيشا احتلّ به مدينة عمورية حصن الروم الحصين وأحرقها، ودمّر مدينة زبطرة مقر امبراطورهم ثيوفلس.. يقول عمرو بن كلثوم :

عَلى آثارِنا بيضٌ حِسانٌ نُحاذِرُ أَن تُقَسَّمَ أَو تَهونا

وكثيرا ما تغنّى فرسان العرب بتلك الشجاعة والأنفة والتفوّق.

وَنَشرَبُ إِن وَرَدنا الماءَ صَفواً وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطينا..

يقاتلون في البـَرّ والبحر.. يقول:

مَلَأنا البَرَّ حَتّى ضاقَ عَنّا وَماءُ البَحرِ نَملؤه سَفينا

وقد بلغ الأمرُ بأمة العرب ان تباهت بحُكم الدنيا ومن أمسى عليها بقوّةٍ واقتدار... يقول:

لَنا الدُنيا وَمَن أَمسى عَلَيها وَنَبطِشُ حينَ نَبطِشُ قادِرينا

في الحرب الحديثة، تبدّل الحال على العرب، فهي حروب لا مجال فيها للسيوف ولا الرماح ولا الخيول، ولا تحتاج إدارتها إلى شجاعة وتضحية.. فأدواتها الحديد والنار والآلات الثِقال والقتال من وراء الجبال، وما يقتضيه ذلك من ذكاءٍ صناعي وتخطيط وأطماع مادية يُحرّكها اللؤم والكراهية وقد لجأت الأمم الحديثة لتطوير أدواتها بالتصنيع الحربي من طلقات البندقية إلى الصواريخ الذكية والأقمار الصناعية مرورا بالمدافع والدبابات والطائرات..

لم يكن للعرب نصيب من هذه الأدوات سوى ما يشترونه مِن أعدائهم مِن آلات قليلة الكفاءة وذخائر فاسدة بل إن حكومات العرب لم تفكر قط في التصنيع الحربي لتأمين حاجات جيوشها من الأسلحة المتطورة، وظلت تُبدّد أموالها في تشغيل مصانع أعدائها، كل هذا جعل أمّة العرب عُرضة للانكسار وللهزيمة تلو الهزيمة أمام عدوّ سافل جبان لكنه يتفنّن فنّ التكنولوجيا واستخدامها.

في الحروب الحديثة خسر العرب بعض أوطانهم وديست كرامتهم وأهينت نساؤهم واستبيحت مقدساتهم واغتيلَ شبابهم، لا من قلة عدد ولكن من ضعف في الإعداد والإمداد وخيانات في القـِياد تُمارَسُ على رؤوس الأشهاد، فكم من نساء قهرها الأعداء وكم من مقدّسات يصول ويجول بين مَحاريبها شُذّاذُ الآفاق والأوغاد.

الشعوب العربية تعرف عدوَّها جيدا وتعرفُ المتعاونين معه، تعرف الذين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ويجلسون في مجلس عزائه، يتملّقون العدوّ ويتخذونه صديقا وحليفا، ويناصبون الشقيق العداء.. فلبِئس ما يفعله المتآمرون.!

التعليقات على خبر: هل العرب أمّة العرب مُحارِبة.؟

حمل التطبيق الأن