هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي

«موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي

  • «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي
  • «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي
  • «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي
  • «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي

عربي قبل 5 سنة

«موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي

 

بعد سبع سنوات من القطيعة، نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» قبل أسابيع أن البرلمان العربي دعا جامعة الدول العربية لإعادة سوريا إلى العمل المشترك، الأمر الذي يشير إلى رغبة أطراف عربية في إعادة دمج نظام الأسد في مؤسسات الجامعة العربية وأطرها، بعدما فرض نظام الأسد وحلفاؤه أمرًا واقعًا في الحرب السورية جعل رغبة الإطاحة به التي كانت تحملها بعض الدول العربية في مقدمتها السعودية احتمالًا بعيد المنال.

ولم تكد تمضي أيام قليلة، حتى انطلق قطار «التطبيع» العربي مع نظام الأسد، بدأه الرئيس السوداني عمر البشير، مرورًا بأبو ظبي والمنامة، ولا يبدو أنه سيتوقف قريبًا قبل أن يضم إلى محطاته دولًا عربية أخرى، نذكر بعضها في هذا التقرير.

الإمارات «تتدارك الخطأ» وتعيد سفارتها في دمشق

في مقابل الموقف السعودي الذي بلغ أقصى حد له في العداء لنظام الأسد، والمناداة برحيله، ودعم المجموعات العسكرية المعارضة له، اتبعت أبو ظبي نهجًا أكثر هدوءًا في المعارضة، ولم تقطع حبال الوصل تمامًا مع النظام، ففي الوقت الذي كانت الحملات الإعلامية والسياسية تشتد على النظام، كانت الإمارات تستضيف على أراضيهابشرى الأسد، شقيقة بشار الأسد، وزوجة آصف شوكت، أحد أعمدة النظام الأمنية، والذي قتل في انفجار استهدف مبنى الأمن القومي السوري في يوليو (تموز) 2012.

وبرغم ما أثير حول معارضة بشرى الأسد، لبعض سياسات شقيقها، فإن استضافتها -ولاحقًا الإنعام عليها بالجنسية الإماراتية- قد اعتبرت خطوة «رمزية»، حافظت بها الإمارات على شعرة معاوية مع الأسد، برغم عدائها العلني مع نظامه، في حالة شبيهة باستضافة الإمارات لأسرة الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في الوقت الذي كان يفترض نظريًا أنها تخوض حربًا ضد قواته لاستعادة الشرعية اليمنية.

لم يُلمس أي إجراء تم اتخاذه من الجهات الإماراتية لفرض أية عقوبات اقتصادية على النظام السوري، حتى السفير السوري بالدولة لم يُبلغ بالمغادرة تنفيذًا لقرارات دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية القاضية باستدعاء سفراء الدول الخليجية والعربية من دمشق * من برقية سرية مسربة صادرة من السفارة السعودية بأبو ظبي عن عدم التزام الإمارات بالعقوبات ضد النظام السوري

وفي الوقت الذي كانت فيه الإمارات تسوق نفسها باعتبارها أحد داعمي انتفاضة الشعب السوري ضد الأسد، كان الناشطون السوريون المعارضون للنظام يلاقون الأمرين على الأراضي الإماراتية، وعانى بعضهم ويلات السجن أو الترحيل، وبرغم أن الإمارات كانت فاعلة في دعم بعض الفصائل المسلحة في الميدان، وبخاصة الجبهة الجنوبية عبر ما عرف بـ«غرفة عمليات الموك» -وهي غرفة عمليات في الأردن أسست لتنسيق الدعم العسكري للمعارضة وشاركت فيها قوى إقليمية ودولية من بينها أبو ظبي-، فإن تلك الغرفة ينظر لها بأعين الشك باعتبار أن دورها الفعلي كان تحجيم الفصائل المسلحة لا تدعيمها، ووضع خطوط حمراء لها في حربها ضد الأسد، ما جعل دورها سلبيًا تمامًا بالنسبة لقوى المعارضة.

موقف الإمارات الحقيقي من بقاء الأسد تجلى مع التدخل الروسي لصالح النظام عام 2015، ففي الوقت الذي عارضت فيه السعودية مثلًا التدخل العسكري الروسي في سوريا، انتحت الإمارات جانبًا، في موقف غامض، ولم تكن من بين الموقعين على بيان دولي مشترك دعا روسيا إلى وقف استهداف المعارضة السورية والمدنيين، والذي حمل توقيع كل من السعودية وقطر وتركيا، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

 

السفارة الإماراتية في دمشق

كان الزمن كفيلًا بجعل الوقف الإماراتي من اليمن أكثر «ليونة»، تلاحقت انتصارات النظام بدعم روسي- إيراني، وانكمشت مساحة سيطرة الفصائل المعارضة، ما جعل من دعاوى رحيل الأسد مجرد «أحلام يقظة» لم تعد قابلة للتحقق، في المقابل، فإن اشتداد الحملة الإماراتية ضد قوى الإسلام السياسي، والقطيعة مع قطر، كان يعني أن على الإمارات التخلي عن مسك العصا من المنتصف، والسعي نحو تطبيع واضح للعلاقات مع نظام الأسد.

في يونيو (حزيران) الماضي، صرح وزير للدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أنه يعتقد أنه «كان من الخطأ إبعاد سوريا عن الجامعة العربية»، ولم تكد تمر سوى شهور قليلة حتى انتقلت التصريحات الإماراتية إلى خانة الفعل، حيث أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية في 27 ديسمبر (كانون الأول) الجاري عن إعادة فتح سفارتها في دمشق في خطوة اعتبرتها دليلًا على حرص أبو ظبي على «دعم استقلال وسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري».

البحرين تعيد سفارتها.. هل هو «جس نبض» سعودي؟

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وعلى إثر اشتداد الحملات القمعية للنظام السوري ضد المتظاهرين الذين خرجوا للمناداة بسقوطه، قررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا، واتخاذ عقوبات سياسية واقتصادية ضد النظام، ولم تكد تمر سوى شهور قليلة، حتى خطا مجلس التعاون الخليجي، خطوة أخرى في فبراير (شباط) 2012، حين قررت دُوله سحب سفرائها من دمشق، وطرد سفراء سوريا من أراضيها.

بطبيعة الحال، فقد كانت البحرين جزءًا من هذه الترتيبات، باعتبارها عضوًا في مجلس التعاون، وبالنظر إلى العلاقة الخاصة التي تربط البحرين بالمملكة العربية السعودية، إلى الحد الذي يُنظر فيه إلى الدبلوماسية البحرينية باعتبارها امتدادًا للدبلوماسية السعودية، فإن التطورات البحرينية الأخيرة فيما يتعلق بالعلاقات مع النظام السوري لا يجب قراءتها بشكل منفصل.

أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش اجتماعات الأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، التقى وزير الشؤون الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد الخليفة، بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث تصافحا وتبادلا الابتسامات لدقائق، وذلك بعدما كان الوزير البحريني قد أكد خلال كلمته في معرض الاجتماعات على ضرورة التوصل إلى «حل سياسي» ينهي الأزمة السورية.

كان هذا اللقاء ذا رمزية بالغة، فقد كان هو الأول من نوعه لوزير خليجي منذ اندلاع الانتفاضة السورية ضد حكم الأسد عام 2011، وقد سلطت صحف عربية الضوء عليه آنذاك، واعتبره بعض المراقبين «جسًا للنبض» ينبئ بتحولات خليجية تجاه الموقف من سوريا، كما رأى آخرون أن وزير الخارجية البحريني بهذا اللقاء «قد فتح بابًا لعودة العلاقات الخليجية مع نظام الأسد».

لذلك لم يفاجأ الكثيرون بإعلان المنامة عن استئناف عمل سفارتها في دمشق، وأن السفارة السورية في المنامة تقوم بعملها هي الأخرى، وقد جاء في البيان -الذي تلا الخطوة الإماراتية المماثلة بساعات قليلة- أن البحرين حريصة على «استمرار العلاقات مع الجمهورية العربية السورية، وعلى أهمية تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل الحفاظ على استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية».

لم تكن الخطوة البحرينية إذًا مثيرة للاستغراب كما ذكرنا، لكنها كانت إشارة أكثر وضوحًا -بالنسبة للكثير من المراقبين- على تغير الموقف السعودي «المتصلب» تجاه الأسد، إذ يبدو أن الرياض قد سلمت بحتمية بقاء الأسد، وباتت تسعى إلى نسج حبل الوصال معاه، بعد سنوات من محاولاتها الفاشلة للإطاحة بنظامه.

ويبدو أن السعودية على موعد مع خطوة مماثلة قريبًا، ويشار هنا إلى إرهاصات هذا التغير في المواقف، حيث صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حوار له مع مجلة «تايم» أن «بشار الأسد لن يرحل دون حرب لا يريدها أحد»، كما ذكرت نقلت مصادر مقربة من حزب الله اللبناني -أبرز حلفاء النظام السوري- تفاصيل محاولات من ابن سلمان لمد جسور التواصل مع الأسد، وذكر أن السعودية مستعدة لـ«تمويل إعادة إعمار سوريا في مقابل القطيعة مع حزب الله وإيران».

السودان.. «طائرة التطبيع» تحط بالبشير في دمشق

برغم ردود الأفعال المتباينة التي أحدثها القراران الإماراتي والبحريني بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، إلا أن الخطوة السودانية كانت الأكثر صخبًا وإثارة، ففي خطوة مفاجئة تمامًا، حطت طائرة تحمل الرئيس السوداني عمر البشير في مطار دمشق، للقاء رأس النظام السوري بشار الأسد، في زيارة قصيرة استمرت لساعات.

جاءت زيارة البشير هذه بلا مقدمات تقريبًا، وبشكل فجائي، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها زعيم عربي بالأسد منذ اندلاع الانتفاضة ضده في مارس (آذار) 2011، وهو ما جعل أهدافها مثارًا لتساؤلات العديد من المراقبين، قبل أن تتكشف بعض الملابسات التي ربما سلطت الضوء على بعض جوانب الزيارة، منها أن «طائرة التطبيع» التي حملت البشير هي طائرة روسية من نوع «tu-154»، ما يشير إلى الدور الروسي في الزيارة، التي تأتي ضمن جهود «إعادة تأهيل الأسد» التي تقودها موسكو.

وقد ذهب البعض كذلك إلى التأكيد أن زيارة البشير قد جاءت «بتنسيق مع السعودية» وبموافقة من الرياض التي تمتعت مؤخرًا بعلاقات وثيقة مع النظام السوداني، فبحسب مصدر سوداني مُطلع، ومُقرب من الدوائر الإعلامية الحكومية الرسمية في الخرطوم، فإن «السعودية كانت على علم مُسبق بهذه الزيارة، وأنها جاءت بالتنسيق مع المملكة، بعدما ضعف موقف الأخيرة في دوائر واشنطن، والتي دفعها إلى تعزيز تقاربها مع روسيا من بوابة سوريا، إلى جانب إدراك الرياض صعوبة إزاحة الأسد».

ويُبرهن المصدر السوداني لـ«ساسة بوست» على صحة تفسيره، قائلًا: «الاتصالات بين السعودية والسودان لم تنقطع قبل أو بعد الزيارة للتعرف إلى الرد السوري، موضحًا أن الثمن الذي ستقبضه السودان من وراء تقريب المسافة بين الرياض ودمشق سيكون كبيرًا».

ويشار هنا إلى تقلب الموقف السوداني من نظام الأسد، والتي تكشفها تصريحات البشير التي تناقض بعضها، فقد سبق للبشير أن صرح لصحيفة «عكاظ» السعودية بأنه يعتقد أن «بشار الأسد لن يرحل إلا بالقوة، لأنه زعيم طائفة أقلية»، معبرًا عن اعتقاده بأن بشار الأسد لن يرحل بل «سيظل يقاتل إلى أن يُقتل».

لكن البشير ما لبث أن تراجع ضمنًا عن هذه التصريحات، حين زار روسيا والتقى رئيسها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وهناك أدلى الرئيس السوداني بتصريحات أقل حدة تجاه الأسد، مؤكدًا أنه «لا تسوية سياسية من دون الرئيس السوري بشار الأسد»، وأردف مثنيًا على الدور الروسي في سوريا: «خسارة سوريا كانت حتمية مع التدخل الأمريكي فيها، لكن تدخل روسيا في الوقت المناسب أنقذها». لتجيء الزيارة الأخيرة إلى دمشق تتويجًا رسميًا من البشير لهذا التوجه السوداني الجديد الداعم لبقاء الأسد.

«الحبل على الجرار».. مصر والأردن في الطريق؟

لم تكن القاهرة على ما يبدو بعيدة عن ترتيبات «إعادة تأهيل» الأسد، فقبل أيام نقلت «وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)» خبر زيارة اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى القاهرة، جاءت الزيارة بدعوة من رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وبحسب الوكالة السورية فقد بحث الرجلان «مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب».

ويعد علي مملوك أحد أركان النظام السوري، ويعد ضمن الدائرة الضيقة المقربة من بشار الأسد، وبسبب دوره المحوري في الأحداث، فهو مدرج على لائحة العقوبات الأوروبية لأركان النظام والمتعاونين معه، وهو ما أضفى على الزيارة بعدًا ذا أهمية، حيث يتوقع البعض أن تحذو مصر حذو الإمارات والبحرين، وتخطو خطوات أخرى تزيد من التقارب العربي مع الأسد وتفك العزلة المفروضة على نظامه منذ سنوات.

الأنظار تتجه كذلك إلى الأردن، الجار الجنوبي لسوريا، والتي يُتوقع أن ترفع من درجة «تطبيعها» مع نظام الأسد خلال الفترة القادمة، فقد سبق لوزير الإعلام الأردني أن صرح في أغسطس (آب) الماضي، أن علاقة عمان مع سوريا «مرشحة لأن تأخذ منحى إيجابيًا»، وأضاف: «كنا منذ بداية الأزمة حريصين على وحدة التراب السوري ومؤسسات الدولة السورية»

وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعيد فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، بعدما استعادت القوات الحكومية السيطرة عليه، عبر عمليات عسكرية وتسويات مع فصائل المعارضة، أعقبت ذلك زيارات لوفود نقابية وبرلمانية إلى دمشق، الأمر الذي يمهد لعودة المياه إلى مجراها بين عمان ودمشق.

 

التعليقات على خبر: «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي

حمل التطبيق الأن