على الرغم من أنه من الصعب اختصار اللحظات التاريخية الفارقة في بضعة اقتباسات أو جمل مقتضبة، وعلى الرغم من أن أفعال القادة هي المؤثر الحقيقي في الأحداث وليس الأقوال، فإن هناك حالات عديدة في الماضي كانت فيها قوة الكلمة واضحة جداً.

واكتسبت هذه الجمل تاريخها لكونها قيلت من قادة أو شخصيات مؤثرة في لحظات هامة بتاريخ الإنسان، سواء كانت هذه اللحظات خلال مرحلة ازدهار وانتصار أو في مراحل انتكاس وصراعات. على كل حال، مع مرور الوقت أصبحت الشعوب تعيد استخدام هذه الشعارات أثناء نضالاتها المختلفة.

وتعتبر الاقتباسات الستة أدناه من أهم الاقتباسات التي علقت في الذاكرة الجمعية لشعوب العالم، والتي قد تكون غيرت شيئاً ما في طريقة نظرنا إلى الحياة.

"ليس لدى البروليتاريا ما تخسره سوى قيودها وأغلالها، وسيربحون عالماً بأسره. يا عمّال العالم، اتحدوا"

يعتبر هذا الاقتباس هو الأشهر والأكثر استخداماً لكارل ماركس. إذ قيلت هذه الجملة عام 1848 في ألمانيا، لتشكّل نداءً للقيام بفعلٍ ما للتأثير على الثوار وعلى الحكومات حول العالم. وفي ذلك الوقت غيّرت أفكار الماركسيين والاشتراكيين الترتيب السياسي العالمي، وأسست الاتحاد السوفييتي لتطبيق نظام حكمها.

وبعيداً عن السياسة، نقترب أكثر من أحد المؤثرين في عالم العلوم والفضاء، نيل أرمسترونغ، وهو أول رائد فضاء أمريكي يدوس سطح القمر في تاريخ البشرية. وفي تعليقه على إنجازه التاريخي قال أرمسترونغ: "تلك كانت خطوة واحدة لرجل واحد، وقفزة عملاقة للبشرية".

قالها أرمسترونغ عام 1969 عند عودته من رحلته إلى القمر، ونزوله من على سلالم مركبة "أبولو 11" الفضائية. وعلى الرغم من أن نجاح صعود رائد الفضاء الأمريكي إلى القمر قضية مثيرة للجدل، فإن كلامه طبع في ذاكرة البشرية.

"ما فتئت أتوق إلى المثل الأعلى المتجسد في مجتمع ديمقراطي وحر يعيش فيه جميع الأشخاص معاً في وئام وعلى أساس تكافؤ الفرص. وهو مثل آمل أن أعيش من أجله وأتمنى أن يتحقق. ولكن إذا لزم الأمر، فهو مثل أعلى أنا على استعداد للموت في سبيله".

كانت هذه الجمل الأخيرة التي اختتم بها نيلسون مانديلا الشهادة التي أدلى بها أمام المحكمة عام 1964، عندما تمت محاكمته بتهم محاولة قلب نظام الحكم وتخريب المنشآت العامة، وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة بدلاً من إنزال عقوبة الإعدام به. لكن تم الإفراج عنه عام 1990 بالتزامن مع تسلم رئيس جديد للحكومة بجنوب أفريقيا.

يعرف نيلسون مانديلا بأنه واحد من أكثر القادة والشخصيات تأثيراً عبر التاريخ؛ وذلك نتيجة لنضاله المستمر ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بين السود والبيض، والذي نجح بإلغائه عام 1991 بتوقيع اتفاقية السلام الوطني. وتولّى رئاسة جنوب أفريقيا لخمس سنوات بدءاً من عام 1994.

"إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوماً في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه شخصياتهم"... كانت هذه من أقوى جمل خطاب "لديّ حلم" الذي ألقاه مارتن لوثر كينغ، الزعيم الأمريكي الأسود، عام 1963 أمام 250 ألف أمريكي بعد مسيرة تطالب بإنهاء التفرقة العنصرية ضد السود في الولايات المتحدة.

"الآن أصبحتُ أنا الموت، مدمّر العالم"... لا تبدو هذه الكلمات حاملة كماً من الإيجابية أو الإلهام المحفّز. إلا أن قائلها أحدث فرقاً حقيقياً في حياة البشرية، بغض النظر عن كون هذا التغيير كارثياً نعيش تداعياته حتى يومنا هذا. هذه الجملة الشهيرة لروبرت أوبنهايمر، مخترع القنبلة النووية.

قال أوبنهايمر هذه الجملة فورَ انتهائه من صنع القنبلة النووية الأولى، ومنذ ذلك الحين أصبحت ورقة النووي تستخدم وسيلة ضغط سياسي لتحقق الدول أهدافها.

"الثورة ليست حفل عشاء".

كانت هذه إحدى المقولات التي ذاع صيتها وتم اقتباسها كثيراً في وقت لاحق، وهي التي قالها زعيم الثورة الصينية، ماو تسي تونغ، الذي آمن باستخدام الكفاح المسلّح ضد العائلة الحاكمة في الصين. وقاد ثورة من الثورات الأكثر دموية في التاريخ الحديث، ولأن الثورة في نظره ليست حفل عشاء، قُتل فيها ما يقارب 85 مليون إنسان، وبعد نجاح الثورة قام بإعلان "الجمهورية الصينية" الحديثة.