بيان

توضيحي للرأي العام من قضاه المحكمه العليا الفلسطينيه السابقين

  • توضيحي للرأي العام من قضاه المحكمه العليا الفلسطينيه السابقين

اخرى قبل 5 سنة

بيان
توضيحي للرأي العام من قضاه المحكمه العليا الفلسطينيه السابقين

بتاريخ ١٥/٧/٢٠١٩، أصدر سيادة الرئيس محمود عباس القرارين بقانون رقم ١٧،١٦، لسنة ٢٠١٩ وقد تضمن الأول منهما رقم ١٦، تعديل شروط إشغال منصب رئيس المحكمة العليا ونائبه، وتعديل سن تقاعد القضاة من ٧٠ سنة إلى ٦٠.

فيما تضمن الثاني رقم ١٧، حلاً لمجلس القضاء الأعلى وكافة هيئات المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، وتشكيل مجلس انتقالي أٌنيط به إصلاح وتطوير السلطة القضائية والنيابة العامة ومُنح صلاحيات واسعة بالخصوص المذكور.

وكان من نتائج هذين القرارين بقانون إحالة ٥٢ قاضياً للتقاعد بما فيهم كافة قضاة المحكمة العليا. 
وقد سبق هذين القرارين بقانون ورافقهما تبريرات مضللة مغلفة بما وصِف بالإصلاح القضائي والمصلحة العامة، واستعادة ثقة الجمهور بالقضاء.

وتوضيحاً للرأي العام. نحن قضاة المحكمة العليا عبد الله غزلان، إيمان ناصر الدين، خليل الصياد، عدنان الشعيبي، حلمي الكخن، محمد مسلم، محمد الحاج ياسين، بوليت متري، ومن منطلق عظم الأمانة التي حملناها وما زلنا، ووفاءً باليمين الذي أقسمناه، بأن نحترم الدستور والقانون، وأن نحكم بين الناس بالعدل، فإننا وللتاريخ نبين ما يلي:

١ - كنا وما زلنا وسنبقى مع إصلاح وتطوير القضاء، ومنظومة العدالة بكافة مكوناتها، وقد نادينا بذلك مرارا وتكرارا، في كافة المؤتمرات القضائية، والندوات، وورش العمل، إلا أننا وللأسف لم نجد آذانا صاغية واعية، وقد ذهبت أصواتنا أدراج الرياح، وارتد ذلك سلباً على السلطة القضائية، قضاة وأفراد، فعبث به من شاء كيف شاء، على خلاف نصوص القانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، علماً أنهما دون غيرهما من أدوات التشريع والادارة، اللذان ينظمان السلطة القضائية وأعمالها، وأن الدولة بكامل مكوناتها من سلطات، وأحزاب وجمعيات، وذوي جاه وسلطات وجماعات، وأفراد وحكام ومحكومين يهيمن عليهم الدستور والقانون ولا عاصم لأحد منه.
٢ - نستنكر بل نستهجن التبريرات المضللة، تلك التي أشاعها البعض ممن سولت لهم أنفسهم سوءاً، مما أدى الى مذبحة حقيقية للقضاء الفلسطيني وانقلاب على الشرعية الدستورية، ومبدأ الفصل بين السلطات في سابقة لم يشهدها تاريخ القضاء الفلسطيني من قبل، ولعل ما أشار إليه فقهاء وشُرّاح القانون الدستوري تعليقا وتعقيبا على القرارين بقانون، ما يفصح عن ذلك.
٣ - إننا إذ ندرك تماماً ما يعاني منه القضاء، فإن مرده ضعف الإدارات القضائية المتعاقبة، وتجاوزها لأحكام قانون السلطة القضائية، وضوابط العمل القضائي وانعدام الرعاية والعناية والمساءلة، والسماح بتدخل المستويين السياسي والأمني بالتعيينات والترقيات، حتى بات تعيين رؤساء المحكمة العليا ونوابهم، أمراً تقرره السلطة التنفيذية ومتنفذيها، وإن بدا ذلك ظاهرياً بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى، إلا أنه تنسيب تفرضه السلطة التنفيذية على النحو الذي تريد، وكذلك إجبار من تم تعيينه أو ترقيته على تقديم استقالته مسبقاً، قبل التوقيع على قرار التعيين وقبل أداء اليمين القانونية، وفي ذلك ما شكل مراكز قوى للسلطة التنفيذية ومتنفذيها داخل المنظومة القضائية، الأمر الذي أدى إلى ضعف ثقة الجمهور بالقضاء وترهله.
٤ - إن ما يروج له البعض من وجود صراعات بين قضاة المحكمة العليا، هو في حقيقته ليس خلافاً شخصياً بين القضاة أنفسهم، وإنما هو نتاج تدخلات السلطة التنفيذية ومتنفذيها، وتواطؤ الإدارات القضائية المتعاقبة وسماحها بهذا التدخل، بما أدى الى تصدي عدد من قضاتها لهذا التدخل ومطالبتهم بتعزيز استقلال القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، وتطبيق أحكام قانون السلطة القضائية في الترقية والتعيين، إذ غدا تعيين رؤساء المحكمة العليا ونوابهم أمراً تنفرد به السلطة التنفيذية ومتنفذيها.
٥ - إننا ندين وبشده الحملة المضللة بتسخيف إنجازات قضاة محكمة النقض، وتحميلها وزر تراكم الدعاوى والاختناق القضائي، بما أشيع ظلماً وافتراءً على لسان مدير عام الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، أن محكمة النقض فصلت طعناً جزائياً واحداً لا غير خلال شهر حزيران من عام ٢٠١٩، إذ أن عدد الطعون الجزائية المفصولة ٧٣ طعناً، في حين بلغ عدد الطعون المدنية ٩٢ طعناً، بالإضافة إلى ٤٨ طلباً مدنياً، و١٤ طلباً جزائياً، أي ما مجموعه ٢٢٧ بين طعن وطلب، مبدين في الوقت ذاته أن عدد الطعون الجزائية المدورة في الشهر المذكور بلغ ٢٠٥طعناً، كما أن عدد الطعون المدنية المدورة بلغ ٤٥٨٧ طعناً، وأن عدد الطعون المدنية الواردة في ذلك الشهر ١٠٨ طعناً، و عدد الطعون الجزائية ٣٥ طعناً، في حين أن عدد الطلبات المدنية الواردة ٣٩ طلباً، كما أن عدد الطلبات الجزائية الواردة ٦ طلبات وفق ما أنبأت عنه الجداول الرسمية لأعمال محكمة النقض خلال شهر حزيران (٦) من عام ٢٠١٩.
٦ – إن ما سيق كأحد مبررات إصلاح القضاء، بضخ الدماء الشابة كلمة حق أريد بها باطل ، ذلك أن ضح الدماء الشابة وإن كان يصلح في كافة مؤسسات الدولة بما فيها القضاء، إلا أن ذلك لا يصلح في قضاة المحكمة العليا الذي يعتمد أولا وأخيراً على تراكم الخبرات التي تتكون وتنمو مع السنين، وليس أدل على ذلك من أن المشرع رفع سن تقاعد القضاة لغاية ٧٠ سنة استثناءً من سن تقاعد الموظفين على وجه العموم، المشار إليه في قانون الخدمة المدنية ب٦٠ سنة، كما أن هذا الذي أتى به القرار بقانون رقم ١٦بتخفيض سن تقاعد القضاة إلى الستين يتناقض مع تعيين مجلس انتقاليّ، أكثر أعضاءه في سن الكهولة، كما نشير أيضا أن كثيرا من الدول لم تحدد سن تقاعد للقضاة، وفي ذلك ما يُنبؤعن الاحتفاظ بالخبرات القضائية.
٧ - إن الاختناق القضائي وتراكم الدعاوى يعود إلى أسباب عدة منها، ما هو إداري ولوجستي وقانوني واجرائي، بالإضافة إلى قلة عدد القضاة وازدياد عدد القضايا الواردة، إذ أن قضاة محكمة النقض يعمل الكثير منهم في أكثر من هيئة، كما أن كل هيئة من هيئات محكمة الاستئناف، تعقد جلساتها مرتين في الأسبوع بسبب عدم وجود قاعات كافيه لانعقاد الهيئات.
٨- إن سياسة تكميم الأفواه والتهديد والوعيد بالإحالة إلى التحقيق والمجالس التأديبية التي انتهجها رؤساء المجالس القضائية المتعاقبة، سياسة قديمة حديثة، وقد حالت وتحول دون حرية التعبير والإشارة إلى مواضع الخلل.
وإننا إذ نستنكر ذلك، نستذكر تلك التنبيهات التي وجهت بالجملة من رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق لقضاة المحكمة العليا، بسبب مطالبتهم له إعمال نصوص قانون السلطة القضائية المتعلقة بتشكيل هيئات المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، كما أننا نستنكر غمز مستشار الرئيس للشؤون القانونية إلى القضاة القدامى الذين عملوا قبل انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، واعتبارهم جزءاً من المشكلة، وقد تناسى سعادته ما قال بحقهم عند اشغاله لمنصب رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى، قبل أن يتم إلغاء قرار تعيينه، بأنه تعلم منهم الكثير الكثير، وأنه تتلمذ على أيديهم، لكنها للأسف مواقف تنبع من المواقع.
وإننا إذ نسجل ذلك نرفض أن يزاود أي كان على شرفهم ووطنيتهم وكرامتهم، وقد عملوا في ظروف صعبة وقاسية وسطّروا المبادئ القانونية التي كان لها الأثر الفاعل في تأسيس قضاء محكمة النقض على الوجه الذي استقر عليه القضاء الفلسطيني.
٩ – إننا إذ نؤكد حرصنا على إصلاح القضاء وتطويره، لنطالب أن تطال يد القانون أيا من القضاة وغيرهم ومساءلة كل من ثبت أنه قوّض القضاء وخالف القانون وتستر على من خالفه، وتقاعس عن أداء رسالته وفتح الباب لتدّخل السلطة التنفيذية ومتنفذيها، وكذلك الأمر لكل من تدّخل من السلطة التنفيذية في شؤون القضاء.

١٠ - إن ما تضمنه القرار بقانون رقم ١٦بإحالة كل من بلغ من القضاة الستين من العمر، إلى التقاعد حكماً، نرى أن وصفه الحق وتكييفه السليم، وعلى ما أفصحت عنه مبادئ القانون الدستوري وقانون السلطة القضائية والأعراف والمواثيق الدولية، لا يعدو أن يكون عزلا جماعياً من الوظيفة القضائية، غُلف بما وُصف بالإحالة إلى التقاعد، وقد مس بمراكزهم القانونية وحقوقهم المكتسبة، ويعاذ بالقضاء الدستوري والإداري أن يشرعنه، وفي ذلك قضت محكمة العدل الأوروبية بتاريخ ٢٤\٦\٢٠١٩ بإبطال قرار الرئيس البولندي تخفيض سن تقاعد القضاة من ٧٠ سنة الى ٦٥ سنة واعتبار ذلك تدخلاً وانتهاكاً صارخاً بحق القضاء والقضاة.
١١ - لقد جاء القراران بقانون مشوبين بعيب عدم الاختصاص الجسيم، إذ تعديّا على اختصاص مجلس القضاء الأعلى، وذلك بحل كافة هيئات المحكمة العليا وكافة هيئات محكمة الاستئناف، ذلك أن أمراً كهذا من صُلب عمل مجلس القضاء الأعلى، ناهيك عن أن صلاحية الرئيس بإصدار قرارات بقانون بينتها المادة ٤٣ من القانون الأساسي وفق ضوابط محكمة دقيقة صارمة، وقد وردت على سبيل الاستثناء، ومعلوم بالضرورة أن الاستثناء لا يتم التوسع في تفسيره والا غدا افراطاً وتفريطاً.
١٢- لقد جاء القراران بقانون معيبين معتلين مخالفين لمبدأ المساواة، ففي الوقت الذي يتم فيه تخفيض سن تقاعد القضاة إلى ٦٠سنة، يتم تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي ممن هم في سن الكهولة، كما يتم الإبقاء على قضاة تجاوزوا الستين من العمر أعضاءً في المجلس، ويُعهد برئاسة المجلس ورئاسة المحكمة العليا لمن تجاوز الثمانين، ناهيك عن أن تخفيض سن تقاعد القضاة النظاميين لم يصاحبه تخفيض سن تقاعد القضاة في المحكمة الدستورية العليا رغم أنهما في ذات المستوى القضائي لقضاة المحكمة العليا، وفي ذات الوقت جرى رفع سن تقاعد القضاة العسكريين من س٦٠ إلى ٦٥. 
وفي ذلك أيضاً ما يُفصح عن مسّ بضوابط التشريع، ومن أن القاعدة القانونية يجب أن تكون عامة ومجردة، وألا يتم تفصيلها بالمقاس على شخص أو أشخاص بعينهم، كما نرى أن كل من تجاوز الستين من عمره وإن صنف بأنه عضو في المجلس القضائي، إلا أن ذلك يحول بينه وبين جلوسه على منصة الحكم، إذ أن الفارق بيّن بين الإنشاء والتشكيل والتعيين والانعقاد، فالمادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٧، أتت على تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، كما ن المادة الثالثة من ذات القرار بقانون أتت علي تشكيل مجلس قضاء انتقالي لأشخاص بعينهم، ولم يسبق ذلك تعيين رئيس مجلس القضاء الانتقالي رئيسا للمحكمة العليا، ولا يغير من الأمر شيئا أن وصفته المادة ٣، رئيسا للمحكمة العليا طالما لم يصدر قراراً بتعينه، بعد أن أحيل إلى التقاعد، من رئاسة المحكمة العليا، وليس من شأن حلفه اليمين ما يمنحه أو يعطيه الصفة القضائية، وبذلك تغدو المحكمة العليا دون رئيسا لها، كما أن تقاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى مكافأة يحددها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يُفصح بأنه فاقد للصفة القضائية، ذلك أن رواتب ومخصصات القضاة بجميع درجاتهم حددتها الفقرة الأولى من المادة ٣٢، من قانون السلطة القضائية وفقا للجدولين ا،٢، الملحقين بذات القانون، وفي هذا ما ينفي أن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي متمتعاً بالصفة القضائية. 
١٣- إن المجلس المنعوت (مجلس القضاء الأعلى الانتقالي)، قد جاء على خلاف القانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية والمبادئ والمواثيق والأعراف القانونية والدولية، والاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة وألزمت نفسها بها، سواءً من حيث انشائه، أو تشكيله، أو نعته، أو شخوصه وصلاحياته.
١٤- نربأ بأنفسنا أن يُشار إلينا، أو لأي منا، أنه أحيل إلى التقاعد، لغايات إصلاح القضاء وتطويره، كما أن من أبشع مظاهر الاستهانة بالقضاة المحالين إلى التقاعد أن يتم ذلك وهم على عتبة الإجازة القضائية، وأن يعاملوا على نحو لا يستقيم وكرامتهم دون أدنى احترام بما ينبئ بالانتقام بجفاء غير معهود، صاحبه تصريحات فجة، يلامسها تهديد ووعيد وتعالٍ.
وأخيراً وليس آخراً، لقد أديّنا رسالتنا، ونحن ندرك معنى القضاء وسموه ورفعته، وأنه قيمة وطنية وأخلاقية عليا، تعلو كل القيم وتتقدم عليها، ولكل منّا تاريخه المشرف، وقد مهرنا عملنا زهرة شبابنا وسهر الليالي وأثمن أوقاتنا، عشناها يوما بيوم، بل ساعة بساعة، لا تثنينا الصغائر والأحقاد عن أداء رسالتنا، لا نريد جزاءً ولا شكورا، مترفعين عن المناصب والمآرب بروح مستغنية طاهرة، عالية عفيفة مطمئنة، وإننا وإن طالبنا بحق لنا، أو لأي منا، إنما نطالب بترسيخ مبدأ سيادة القانون وإعلاء مبدأ المشروعية، وقد أشرنا إلى مواضع الخلل مرات ومرات، منكرين الباطل والفاسد والمعتل، ولكل منا عزة القاضي وكرامة القاضي وغضبة القاضي لسلطانه، واستقلاله وحيدته ونزاهته.
وإننا إذ نسجل ذلك نربأ أن يسجل التاريخ خاصةً في هذا الظرف الوطنيّ العصيب، الذي تمر به قضيتنا الوطنية، أن مذبحة للقضاء الفلسطيني وقعت في عهد سيادة الرئيس أبو مازن، ونهيب به إلغاء القرارين بقانون المذكورين، وشل جميع آثارهما، مؤكدين حرصنا على إصلاح القضاء وتطويره عبر الشرعية الدستورية.

رام الله – الثلاثاء ٦\٨\٢٠١٩

 

التعليقات على خبر: توضيحي للرأي العام من قضاه المحكمه العليا الفلسطينيه السابقين

حمل التطبيق الأن