ما هي أبعاد الصراع الاستراتيجي الإيراني مع أميركا؟

ما هي أبعاد الصراع الاستراتيجي الإيراني مع أميركا؟

  • ما هي أبعاد الصراع الاستراتيجي الإيراني مع أميركا؟

افاق قبل 5 سنة

ما هي أبعاد الصراع الاستراتيجي الإيراني مع أميركا؟

المحامي علي ابوحبله

ما تشهده منطقة الخليج العربي من أبعاد تتعلق في صراع القوى ومحاولات اقتسام النفوذ ولعبه امريكيه تستهدف الاستحواذ على أموال ومقدرات الخليج تحت وهم أبعاد التهديد الإيراني وخطره على أنظمة دول الخليج  وفي أبعاد مجريات الأحداث الساخنة بشأن الاتفاق النووي والتوتر في مياه الخليج، تحوّلات  دفعت إلى صعود إيران في المعادلات الإقليمية والدولية مقابل فقدان  السيطرة الأميركية على مجريات وتطورات الأحداث . وخطر أي مواجهه بين أمريكا وإيران قد تسفر عن تغيير المنظومة الإقليمية والدولية على امن المنطقة برمتها  .

لعلَ الأزمات الإقليمية والدولية الناتجة عن الصراع الاستراتيجي  في المنطقة ، أشبه  بالزلزال الذي أحدثه انهيار الاتحاد السوفييتي في تغيير المعادلات الإستراتيجية رأساً على عقب. حصيلة الصراع بين أميركا وإيران  ينبئ بتغيرات في القدرة الأميركية في السيطرة القطبية الأحادية على معادلات المنظومة الدولية، ويدلّ في المقابل على صعود محور جديد أدى إلى تغير في موازين القوى الإقليمية والدولية بنتيجة حسم الصراع في سوريا بعد التدخل الروسي والإيراني وحزب الله لصالح سوريا في مواجهة التحالف الأمريكي ، ما يفتح آفاق الانتقال إلى أسس منظومة دولية جديدة على حطام المنظومة الوليدة، إثر انتصار الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الثانية.

إدارة ترامب التي تخوض معاركها مع معظم بلدان العالم، ولا سيما مع الصين وروسيا، تخوض حرباً مع إيران تعبّر عنها بعبارة "أقصى العقوبات" والحرب الاقتصادية. وربما السبب الأساس في هذه الحرب الأميركية ضد إيران التي تختلف عن المعارك الأميركية الأخرى، أن نموذج الثورة الإيرانية هو نقيض النموذج الأميركي وهذا ينبئ بإمكانية ألقدره الايرانيه في التأثير على المنطقة حيث فشلت الإجراءات الامريكيه لغاية الآن في ترويض إيران ودفعها للتفاوض وهذا ما تسعى إدارة ترمب لتحقيقه  ، ويتجلّى هذا الأمر أكثر ما يتجلّى في التناقض العميق بين إيران والولايات المتحدة بشأن القضية الفلسطينية ووجود "إسرائيل". وهي ورقه تستغلها إيران لصالحها  وهو ما يعيد الاعتبار إلى إرث حركات التحرر والصراع بين الشمال والجنوب من أجل السيادة والاستقلال والحقوق الإنسانية في الغذاء والمأوى والتعليم والطبابة والعمل.

الدول الغربية في أوروبا وأميركا قبل ترامب سعت جاهدة بكل الوسائل الحربية بالوكالة السياسية والاقتصادية والاستخبارية في محاولة  تطويع إيران لمنعها من تحقيق أهداف  توسعها في المنطقة  لكنها فشلت مما اضطرت مرغمة بعد فشل مساعيها إلى المراهنة على توقيع الاتفاق النووي، أملاً بأن يؤدي انفتاح إيران على الدول الغربية والسوق الدولية إلى "تغيير السلوك" الإيراني بشأن وجود "إسرائيل" وبشأن الاستقلال والتحرر وتعاون العالم الإسلامي والمنطقة العربية.

إيران تدرك خطر تخليها عن ثوابت أهداف  ما تدعيه ثورتها على الرغم من البراغماتية السياسية التي تعتمدها  في تحقيق المكتسبات، إذ رفضت إدراج ملفات البرنامج الصاروخي والسياسة الخارجية على طاولة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي. ولعل الدول الأوروبية التي تزعم الحفاظ على الاتفاق النووي، تتذرّع بالعجز عن تنفيذ التزاماتها تجاه إيران، لكنها تضحّي بصدقيتها أملاً بالضغط على إيران في البرنامج الصاروخي وسياستها الخارجية ولعب دور الوسيط مع ترامب. ولم تغيّر إيران براغماتيتها الدبلوماسية مع أوروبا لكنها تحرص على التمسّك  بما تدعيه حقها لتعزيز قدراتها في زيادة التخصيب والاستعداد لتنفيذ المرحلة الثالثة.

ترامب الذي يتراجع عن الاتفاق النووي يتخيّل أن أقسى العقوبات والحرب الاقتصادية ترغم إيران على التراجع عن تحقيق أهداف  ما تسعى لتحقيقه والتدجين في إطار "الواقعية السياسية" بدعوى المفاوضات مع ترامب لتوقيع صك التنازل عن استقلالها والتعهّد على الأقل بعدم إعاقة المشروع الأميركي المسمّى "صفقة القرن".

لكن حرص إيران على ثوابت ما تدعيه  الثورة تعبّر عنه في مواجهة أميركا والتمسّك بالندّية دفاعاً عن حقوقها كما أثبتت في إسقاط الطائرة الأميركية وفي منع ترامب من حفظ ماء الوجه بضربة عسكرية محدودة حين وضعته بين خيار التراجع أو الحرب الشاملة ضد "إسرائيل" وحلفاء أميركا وضد القواعد والقوات والمصالح الأميركية.

القدرة الإيرانية على مواجهة أميركا في دفاعها عن أهداف ما تدعيه ثورتها  تتقاطع في الاستراتيجيا الدولية مع عودة روسيا إلى معادلات توازن القوى في المنظومة الدولية ومع نمو القدرة الصينية على منافسة الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي بروسيا والصين إلى السعي لتحسين مواقعهما على حساب السيطرة الأميركية. فهذه التحولات تفرض نفسها في مأزق الإدارة الأميركية مع إيران. لكن الصراع الاستراتيجي بين أميركا وإيران يحمل في طيّاته تحوّلات إقليمية ودولية عميقة أساسها مركز الثقل الإيراني في مواجهة أميركا.

 

التعليقات على خبر: ما هي أبعاد الصراع الاستراتيجي الإيراني مع أميركا؟

حمل التطبيق الأن