الانتماء والالتزام بين الوطن والتنظيم[1]

الانتماء والالتزام بين الوطن والتنظيم[1]

  • الانتماء والالتزام بين الوطن والتنظيم[1]

ثقافة وفنون قبل 5 سنة

الانتماء والالتزام بين الوطن والتنظيم[1]

النسخة اللطيفة والكاملة بالأشكال مرفقة على صيغة كتاب  PDF

إن الانتماء للوطن انتماء للذات ومكنون النفس وانتماء للكيان الشخصي المعبر عنه بأشكال مختلفة  عبر الشمس والمطر و الريح والطين والطير والفكرة والأهزوجة[2] ، والانتماء للوطن أسبقية على الانتماء العائلي والطائفي والعشائري (نموذج الراهب يوسف بتيت أيام الناصر صلاح الدين، ومثال العز بن عبد السلام الذي استنهض الأمة لقتال المغول ومثال الشيخ المجاهد عزالدين القسّام السوري الأصل الذي قدم إلى فلسطين ليتواصل دفاعا عن الأمة والأرض ) ، إن الانتماء للوطن حب وعلاقة تواصل يومي وتحسس ومحبة وقرب وانتساب (لِ) أو من خلال :

ماذا يعني الانتماء للوطن؟

1)    الأرض (البيئة الطبيعية) من الشجر والطين والسهول والجبال والأنهار والبحار والحياة البرية من دواب وطيور وأزهار وغزلان.يقول الشاعر لبيد بن ربيعة :عفت  الديارُ محلُّها فمُقامها بمنىً تأبد(توحش) غولُها(اسم جبل) فرجامُها( جبل) .

2)       الحضارة المادية (البيئة الصناعية) من البيوت والمصانع والمباني والمحلات والشوارع ودور العبادة والمتاحف والآثار …

3)       الشعب من الأقارب والأصحاب والجيران والمعارف ، واللغة العربية ، وطرق الاتصال وبناء العلاقات 

4)       التراث والفلكلور المعنوي من قصص ونصوص وأمثال وأشعار وعادات وتقاليد وأهازيج وأغاني …ومادي من طرق الأكل وأنواعه والملابس وأدوات العمل وطرقه … ( طلعت عالخلا تامنها تحطب/ابنية صغيري والحنّا مرطب ، وبراس الجبل لاطلع واعتب /وأحمل الحطب واللي يجيبونا ) 

5)       الأفكار والقيم الدينية في المسموح والمحظور والإيمان والمعتقدات والفرائض والمعاملات والعلاقة بالآخر والسياسة.

6)      الأخلاق والسلوك  من حب الأم والأب احترام الكبير ومحبة الصغير واحترام النساء والعدالة بين الجنسين والمواطنية والصدق والأمانة والصبر والمحبة والنظام والتضحية .يقول الشاعر ربحي محمود في قصيدة نقوش على ثوب أمي:(أتوق إلى نور عينيك/إلى صوتك العذب/يبعث فينا الأمان/ويمنحنا قوة لا تلين .أتوق ويدفعني الشوق نحو احتشاد الحقول/ أنام على فكرة لا تموت/ أردد صوتك/أهتف أين اختفت تلكم الأمسيات/وأصحو على كفي الفارغة/وأهفو طويلا لجمر المواقد/برج الحمام، ويلمع وجهك وسط الزحام/ ويبقى على القلب نقش لثوبك/وتبقين يا أمٌ بدر التمام)

7)      القيم النضالية وفي فلسطين ممثلة بالسعي لإقامة الدولة والمجتمع الديمقراطي وتحرير فلسطين وبناء المؤسسات وتحقيق الأمن للوطن والمواطن …  ( صاحت الصخرة يا أهلي احموني/طغو عليي ربع الصهيوني ، الله يجازيكم يا مسلميني/ ليش خليتوني معهم مرهونا ، القدس يا عرب تصرخ وتنادي/ حيى على الصلاة وعلى الجهاد ، يَ رجال الثورة انتم أولادي/ تع خلصوني من هالصهيونا. ( لجان الشبيبة الله يحميها / يحيي مؤسسها والعامل فيها ، وكلمة روابط لازم نمحيها وكلّوا من أجلك يا فلسطينا ).[3]

8)       وفي الانتماء للوطن أيضا انتماء للمكان[4] فكلما توطدت العلاقة  للشخص مع المكان سواء كان شارعا أو محلا أو كرسيا أو بيتا أو واديا أو ظل شجرة أثيرة كلما ازداد الشعور  بالمحبة والتلاقي ونمت الألفة إلى حدود كبيرة .

 

وفي مجال تعزيز الانتماء الوطني تلعب التنشئة الاجتماعية[5] والتربية الوطنية دورا هاما في تعميق الانتماء ففي حين أن التربية الوطنية تعني ( تنشئة الأفراد على الانتماء والمحبة والولاء للوطن) فإنها تشكل جزء من التنشئة الاجتماعية التي تعني عملية التعلم والتعليم والتربية التي تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف لإكساب الطفل معايير واتجاهات مناسبة لأدوار معينة في المجتمع الذي ينتمي إليه ، ومن هنا يأتي دور الثقافة[6] والأسرة والمدرسة والصحبة ووسائط الإعلام ودور العبادة في التنشئة بشكل عام .

 

 

 

الانتماء والولاء الثوري:

        في داخل أي تنظيم سياسي ومنه في حركة التحرير الوطني الفلسطيني( فتح) كما في تنظيمات المجتمع الأخرى ومؤسساته هناك انتماء وولاء ، وفي حركة (فتح) على سبيل المثال : الولاء لفلسطين أساسا، لان هذا يرتبط  بالمبادئ والأهداف التي آمن بها المنتمون للحركة وما انبثق عنها من خطط وبرامج ونشاطات ، وقضية الانتماء والولاء قضية ترتبط ارتباطا كليا بعملية الالتزام داخل الأطر الحركية الموجودة.

وعملية الانتماء والولاء عملية نسبية، بمعنى أن قد  يسمع البعض إن فلانا وطنيا، وفلانا وطنيا (نص على نص) وفلانا ربع وطني، وفلانا لا وطنيا. كل هذه التقسيمات والنسب موجودة ، و الشعور بالوطنية داخل الفرد فينا شعور موجود ، ولكن يختلف نسبيا من فرد لآخر على حسب تعرض هذا الفرد داخل مجتمعه لان يكتسب مهارات إضافية للعملية الوطنية الموجودة في داخله.

 ونجد ان كثيرا من الأفراد على مستوى المدرسة أو البيت أو الحارة التي لعب فيها، طالما انخرط في داخل صفوف( فتح) أو الشعبية أو الجمعية أو الجهاز الفلاني ، وصار عضوا في حركة يبدأ المِران (التدريب والتمرن واكتساب التجربة )، وتبدأ أصول المهارة والخبرة تأخذ طابعا آخر يزيد من عملية انتمائه ويزيد من عملية ولائه.

 يجب أن يكون انتماء الفرد منا لقضايا داخل الحركة لها أسسها ولها مرتكزاتها، وأن يكون قادرا على التكيف من داخل الالتزام على توجيه القيم لصالح الفكرة التي آمن الفرد منا بها.

   هناك مجموعة المبادئ والأهداف التي التي تعتبر ركيزة الحركة أو المؤسسة التي من خلالها يشعر أبناء حركة فتح أو الجهاز أو التنظيم أو المؤسسة الفلانية أنهم أبناء تنظيم ( منظمة) يسعون عبرها للوصول إلى تحقيق هذه المبادئ والأهداف .

 لمن الولاء .. لمن الانتماء..

        أنا انتمي نعم ولكن لمن الولاء؟ يمكن أن يتساءل الكثير منا : لمن أعطي ولائي؟ هل أعطى ولائي لشخص داخل الحركة أو للتنظيم الذي أنتمي إليه ؟ أو أعطى ولائي لكتلة ؟ أو أعطى ولائي لهدف أساسي موجود ولخطة ومعتقد ؟ إذا استعرضنا أهداف حركة (فتح) كمثال جارٍ هنا ككل، وإذا استعرضنا النقاط الأساسية التي ينضم فيها الأعضاء لحركة "فتح" نجد انه من المفترض أن يعطي الأعضاء ولاءهم   لمجمل الأهداف والمبادئ وكذلك الأمر في مختلف المنظمات والمؤسسات .

 إن أساس المبادئ والأهداف في حركة (فتح) هو القسم.. فعندما يقسم العضو داخل الحركة يقول: اقسم بالله العظيم ان أكون مخلصا لفلسطين . أي أن انتماءه هو لفلسطين، وولاءه الأساسي داخل الإطار الحركي هو لفلسطين لأنها هي الأساس الذي من اجله دخل الأعضاء صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)  ومن اجلها أساسا حصل الانتماء إلى التنظيم ، أو إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) وهل يختلف الانتماء في الجبهة الشعبية أو الديمقراطية عن ذلك ؟ لا نعتقد.

إن التعصب المحمود يكون لفلسطين والوطن والقضية، والتعصب المقيت يكون للتنظيم أو شخوصه، والتعصب المتطرف يكون حينما يستخدم التنظيم كمنصة لاتهام الآخرين أو تخوينهم أوتكفيرهم ثم قتلهم بلا رحمة.[7]

         إن الانتماء الفلسطيني هو دافع القيام بالعمل المطلوب وفقا للأهداف والخطة والبرامج والسياسات والقوانين، للمشاركة بدوري وقدراتي ومهاراتي وموقعي في عملية تحرير فلسطين.

 في التنظيم السياسي (أو أي تنظيم=منظمة) هناك أهداف معينة وهذه الأهداف يتم العمل في ضوئها لأجل رفع الوضع التنظيمي إلى مستوى هذه الأهداف حتى نستطيع أن نعطي الولاء الكامل لفلسطين أساسا ومن ثم إلى مجمل المبادئ والأهداف الكبرى ومن ثم إلى الحركة والتنظيم.

 وعليه نؤكد أن عملية الولاء تكون أساسا لفلسطين، وتكون لمجموع المبادئ والأهداف الموجودة داخل الحركة الثورية أو الوطنية .

من مظاهر الانتماء الوطني

       الانتماء الوطني  كما يحب أن يعرفه الباحث محمد عطية أبوفودة هو: السلوك المعبر عن امتثال الفرد للقيم الوطنية السائدة في مجتمعه، كالاعتزاز بالرموز الوطنية، والالتزام بالقوانين والأنظمة السائدة، والمحافظة على ثروات الوطن وممتلكاته، وتشجيع المنتجات الوطنية، والتمسك بالعادات والتقاليد، والمشاركة في الأعمال التطوعية، والمناسبات الوطنية، والاستعداد للتضحية دفاعا ًعن الوطن.

لذا وتبعا للتعريف فمن مظاهر الانتماء الوطني كما يراها الباحث [8] هي:

                                        1-             الاعتزاز بالرموز الوطنية

                                        2-             الالتزام بالقوانين والأنظمة السائدة

                                        3-             المحافظة على ثروات الوطن وممتلكاته

                                        4-             التمسك بالعادات والتقاليد

                                        5-             تشجيع المنتجات الوطنية

                                        6-             المشاركة في الأعمال التطوعية

                                        7-             المشاركة في المناسبات الوطنية

                                        8-             التضحية دفاعاً عن الوطن

                                        9-             رسم الصورة المشرقة للوطن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

        من مظاهر الانتماء للفكرة:[9]

أولاً: معرفة طبيعة ومرجعية الفكرة

ثانياً: الحفاظ على وحدة الصف

       ومن وسائل المحافظة على الصف:

              1-الالتزام بلوائح الفكرة وقوانينها.

            2- الديمقراطية

            3- العلاقات الأخوية

            4- الالتزام والطاعة. والطاعة هي امتثال الأمر و إنفاذه تواً في العسر واليسر ، والمنشط والمكره،ولو أن كل فرد آمن بالفكرة دون التزامه بالسمع والطاعة لقادتها ومسؤوليها لتهدمت الفكرة ، ولتفرقت الجماعة أحزاباً وجماعات .

ثالثاً : الإيجابية

      إن صاحب الفكرة يعمل ليل نهار بحثاً عن المثوبة والأجر من الله،أو عن تحقيق الأهداف وإرضاء الضمير في عقلية ايجابية مستقبلية تبحث عن تحقيق الغايات .

 

رابعاً: إدراك الغاية والوسيلة

      ولذلك ؛ فإن أول شيء يجب أن يفعله صاحب الفكرة أن يدرسها ، فيتعرف غايتها ، فإذا عُرفت الغاية من الفكرة.. لابد من النظر في أهدافها ، ووسائلها ، وخطواتها، ومن ثمَّ العمل الجاد المتواصل.. واتباع البرامج والمناهج للوصول إلى الغاية المنشودة .

    وللدعوات وسائل لابد من الأخذ بها والعمل لها ، والوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل ولا تعدو هذه  الأمور الثلاثة :

1- الإيمان العميق .

2- التكوين الدقيق .

3- العمل المتواصل .

خامساً: أداء الواجب المالي

      لكي تنجح الفكرة لابد لها من حركة، ومن ضروريات الحركة ولوازمها المال، لذلك لابد من ممول للفكرة كي تستمر وتحقق أهدافها بنجاح ، ولن تنجح فكرة بخل أتباعها عن التبرع لها ، وفيمَ الأتباع (الأعضاء) إذاً لو بخلوا على فكرتهم بالمال ؟.

سادساً: الالتزام بالوسائل التربوية

      ومن دلائل صدق الانتماء الالتزام بالوسائل التي وضعتها الفكرة للتربية والتكوين ، فالمحاضن التربوية هي الركيزة الأساسية والوسيلة الثابتة التي لا غنى عنها في تربية أفراد الفكرة .

 

سابعاً: جندي لا طالب منفعة

     الجندية شرف عظيم لكل من التحق بالفكرة (حيث أن التنظيم=المنظمة مهمته تحويل الفكرة إلى أهداف وأعمال يقوم بها الأعضاء) .. كما أنه الوسيلة الأساسية للعمل ، ولأن الفكرة تدعو أول ما تدعو إلى إقامة النظام وتحقيق الأهداف ، والتمكين لها في الأرض ، والتصدي لأعدائها ، والوقوف في وجه الطغيان ، فكان لزاماً على الجميع أن يكونوا رجال دعوة واستقطاب وجند مباديء.

 

ثامناً : الإلمام بتاريخ الفكرة وظروف نشأتها

       إن ذلك يساعد على حضور الأهداف في ذهن المنتمي إلى الفكرة ، ومن ثمَّ العمل بجد لتحقيق تلك الأهداف. 

تاسعاً: الالتزام باختيارات الفكرة التنظيمية

       ومن دلائل صدق الانتماء ، الالتزام باختيارات الفكرة وبخاصة ما يتعلق بالأمور التنظيمية اللازمة للفكرة ، فلا يُعقل أن أنتمي إلى فكرة ثم أخالفها في نظمها ولوائحها.[10]

تعميق الانتماء .

       في داخل التنظيم  يشترك الأعضاء سويا في العمل الجماعي لذلك فهم يفعلون شيئا (من أجل) ومع بعضهم البعض وبالتالي تتكون الجماعة أو التنظيم من شبكة متغيرة باستمرار من التفاعلات والعلاقات ، لذلك تحتاج الجماعة أو الفريق إلى يقظة وتحسس للانتماء عبر صيانة العلاقات بداخلها .

       ويعتبر من مهمات القيادة للتنظيم مقابلة حاجات مستوى العمل في التنظيم ، وأيضا تغيير أو صيانة الأسلوب والمناخ الذي يعمل فيه أعضاء الجماعة سويا ، حيث ينمو انتماء وولاء بعضهم لبعض وللجماعة كلها ( كأفكار وخطط ..) وتتلخص أسس تعميق وتعزيز الانتماء بالتالي :

1-  التشجيع : فعلى العضو أن يكون ودودا ، دافئا، مستجيبا للآخرين ولما يسهمون به ويبدى الاهتمام بالآخرين ، وعلى القائد أو المسؤول تشجيع المبادرة والحث على العطاء والمكافأة المعنوية، وصيانة الإنجازات .

2-   التعبير عن مشاعر الجماعة : الإحساس بالمشاعر والحالات المزاجية والعلاقات داخل الجماعة ومشاركة الأعضاء الآخرين في مشاعرهم ، وفي أفراحهم وأتراحهم .

3-     خفض التوتر : عبر التوافق والإصلاح في الخلافات ومساعدة الأعضاء على اكتشاف الفروق بينهم والعمل على انسجام الجماعة .

4-   إيجاد الحلول المرضية : حينما تدخل الفكرة الشخصية أو مكانة الفرد في صراع يجب تقديم حل ودي وسطي يرضي الوضع الخاص بالفرد ، ومن المهم الاعتراف بالخطأ ،  والحث على ممارسة النقد والنقد الذاتي ، تنظيم وضبط النفس للمحافظة على تماسك الجماعة .

5-   الاتصالات :  محاولة حفظ قنوات الاتصال مفتوحة ، وتسهيل اشتراك الآخرين ، واقتراح الوسائل المناسبة لضمان مشاركة أوسع في الحوارات والنقاشات في الجماعة .

6-     وضع المعايير : التعبير عن معايير تحاول الجماعة تحقيقها ، واستخدام المعايير في تقييم أداء الجماعة وإنتاجها.

7-  المشاركة : ضمان مشاركة الأعضاء في الجماعة أو التنظيم في وضع الأهداف والخطط والأساليب ، وتحديد الصلاحيات وضبط الأداء ، وتعزيز الثقة.

      لذلك فإن الجماعة الفعالة  المنتمية هي الجماعة التي لديها وضوح في الأهداف ومرونة في سبل تحقيق الأهداف واتصالات جيدة بين أعضائها وتحث على المبادرة وتشبع حاجات الأفراد وتوفر الفرصة للجميع وتسعى لتماسكهم وتسمح بالتعبير الحر ولا يكون فيها القائد متسلطا وتواجه المشكلات بموضوعية وتضبط الاتزان بين السلوك الانفعالي والمنطقي.

 

 معنى الالتزام:

      وسنتعرض لمفهومه من أدبيات حركة (فتح) والقابل للتعميم على مجمل الجماعات والتنظيمات خاصة العقدية والفكرية والوطنية ، والالتزام التنظيمي هو : الإيمان بالقضية التي يكرس التنظيم نفسه من اجلها، وبالأهداف التي يتخذها وبتطورات الوصول إلى هذه الأهداف من خلال الاستعداد الكامل للانضمام إلى التنظيم وفقا لهذا الإيمان وتحمل كل التبعات والمسؤوليات المترتبة على ذلك، والقيام بكافة المهمات والواجبات المطلوبة والتقيد بالمواقف السياسية والنظام الأساسي والقرارات المتخذة حسب الأصول لدى التنظيم وبهذا فان أركان الالتزام هي:

 

أولا: إيمان بالقضية والأهداف وبنظرية الوصول إلى هذه الأهداف، وعناصر الأيمان هي القناعة النفسية والذهنية الكاملة.

ثانيا: إرادة الارتباط عضويا بالتنظيم، ويتم التعبير عن هذه الإرادة ليس فقط بطلب أو قبول الانضمام، إنما بالإقبال بحماس على هذا الانضمام والاستعداد لتحمل كافة التبعات والتضحيات والمسؤوليات المترتبة عليه، بكل ما يمكن أن يعنيه ذلك من مشاق و أضرار أو مخاطر و أعباء و أداء للمهمات.

ثالثا: الممارسة العملية لما يجسد كلا من الأيمان و إرادة الارتباط وما يترتب عليهما من مهمات وواجبات عملية يعبر عنها بالعمل المتحقق حسب الأصول (الانجاز).

رابعا: التقيد بالمواقف السياسية وبالبرنامج والنظام الأساسي و الإطار والقرارات المتخذة حسب الأصول  ( ممارسة الديمقراطية) وان يعكس هذا التقيد نفسه بشكل فعلي وسلوكي و أخلاقي.

       وما دمنا في هذا المجال فمن المناسب أن نفرق الالتزام عن الانضباط الذي يعرف بأنه: الاستجابة للنظم واللوائح ، والذي مظاهره هي : تنفيذ القوانين والنصوص ، التقيد بقرارات الأطر العليا ، تنفيذ الأوامر بدقة وحماسة، تقيد المراتب الأدنى بالمراتب الأعلى تسلسلا وتوجيها ، عدم مناقشة القضايا الداخلية خارج الجلسات التنظيمية ، الابتعاد عن المزاجية والفردية في اتخاذ القرار ، استثمار وقت العمل في العمل .

      يقول الكاتب العالم بيتر دراكر[11] (بدون الالتزام، لا يوجد هناك إلا الوعود والآمال، لا الخطط).

 

 

 

 كما أن للالتزام أشكال يمكن أن نقسمها إلى التالي:

      الالتزام الظاهري (الجامد): وهو الالتزام بالمبادئ والفكر والقرارات والعمل بأخذ ظواهر النصوص بعيدا عن المرونة أو التفهم لسنة التطور وعوامل التغير. وقد يكون الالتزام بظواهر النصوص دون الالتفات لتفسيراتها أو معرفة مسبباتها مطلوبا في مواضع ، ولكنه ضار في مواضع أخرى تكون الحاجة فيها شديدة للوعي و التفهم لمقاصد النصوص وخاصة حين تغير الأحوال وعدم دقة القياس. ويقابله الالتزام الواعي كما يمكن تقسيمها إلى:

1- الالتزام الفكري: سياسي كان أو عقائدي والمقصود به، الالتزام بسياسة مقررة أو استراتيجية محددة للتنظيم. أما الالتزام الميتافيزيقي فارتباطه بمبادئ سماوية أو مبادئ مضفي عليها عبر الزمن طابع من القداسة متوارث.

2-  الالتزام السلوكي: ويقصد بذلك الالتزام الظاهر في ذات السلوك والممارسات من تصرفات و أقوال و أحاديث وأفعال ظاهرة ومستترة. ذاك الالتزام الذي يعكس نفسه في أخلاق التعامل والسلوك اليومي.

3-  الالتزام الهيكلي: وهو الالتزام بالإطار التنظيمي واللوائح من حيث التراتب التنظيمي وتقسيم العمل وتحديد الصلاحيات والمهمات واحترام ذلك، والظاهر بتنفيذ التكليفات و إطاعة الأوامر والقرارات، أو اعتبار التوصيات والمقترحات واحترام النقد في الاتجاه الآخر.

       وفي الحركة الثورية لا بد للالتزام الواعي للكادر أن يرتبط بمحاور الفكر والأهداف والسلوك والإطار والمستمد أساسا من التزامنا بفكر التحرر الوطني وولائنا ولانتمائنا لفلسطين ولتنظيمنا الوطني .

 

تحقيق الانضباط والالتزام :

       ويتم عبر تطبيق القانون أو النظام الأساسي للتنظيم أو الجماعة أو الفريق بالأشكال التالية :

1- التوجيه والإرشاد

2- المراجعة المستمرة للمهمات والتكليفات

3- وضوح القرارات والتكليفات

4- تطبيق اللوائح والنظام (القوانين) بعدالة وحزم

5- تشجيع الأعضاء وتحفيزهم ، والإشادة بالأداء الجيد والخلق

6- اتخاذ الإجراءات اللازمة حال الإخلال بالالتزام

7- التقييم المستمر للأداء

8-    أن يكون المسؤول قدوة حسنة ونموذجا مشرقا.

       أما عدم تحقق الانضباط فإنه يستوجب من القيادة أو الإدارة أو الأطر العليا ( من المسؤول أساسا) عمل الأمور التالية :

-          التحكم في الانفعالات

-           التأكد من توفر كل الحقائق اللازمة لاتخاذ قرار المساءلة أو المحاسبة

التحدث مع العضو على انفراد والاستماع لوجهة نظره

-          ممارسة النقد والنقد الذاتي

-          أن يكون المسؤول حازما وعادلا

-          تأكيد الثقة بالعضو وقدرته على تجاوز الخطأ

-    التقيد بخطوات المحاسبة حال فشل التوجيه أو التنبيه والمحاسبة الشفوية أو نتيجة كبر الجرم أو تكراره أو تعمده وبما يقع ضمن الاختصاصات .

خاتمة:

       إن طبيعة الإنسان في البقاء هو التجمع الذي يستدعي ضرورة الانتماء إلى جماعة ما ( وبالتالي الولاء والالتزام والانضباط والإخلاص والطاعة...) ، ولأن التجمع مدخل توزيع الأعمال والأدوار والتخصصات فإن الاختلاف يصبح ظاهرة تدافع صحية تسعى لتكامل المجتمع ولتحقيق احتياجاته المتنوعة وإشباع مطالبه التي تبدأ من قوله تعالى في سورة قريش: بأنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

      ليتحقق المجتمع المستقر فتبرز فيه الانتماءات والمواهب والقدرات التي تحقق الذات وأهداف المجموع. وما الانتماء الوطني إلا الشكل الأبرز في الحالة النضالية، والذي يقابله انتماءات عدة تطال جوانب الشخصية الإنسانية المتعددة ورغبتها في التجمع والإشباع ما يمثل واجبا على عدة مستويات ومطلوب من عدة أطر ومؤسسات.

                                

 

 

 

التعليقات على خبر: الانتماء والالتزام بين الوطن والتنظيم[1]

حمل التطبيق الأن