الكابينت الإسرائيلي

الكابينت الإسرائيلي وأوهام التهديد الإيراني ..؟!

  • الكابينت الإسرائيلي وأوهام التهديد الإيراني ..؟!

اخرى قبل 5 سنة

الكابينت الإسرائيلي وأوهام التهديد الإيراني ..؟!

بقلم د. عبد الرحيم جاموس

 مساء السادس من أوكتوبر / 2019م أنهى الكابينت الإسرائيلي، (مجلس الوزراء المصغر للمستعمرة الإسرائيلية) إجتماعا هاماً، هو الأول من نوعه بعد الإنتخابات التي جرت في السابع عشر من سبتمبر الماضي، والتي لم تسفر لغاية الآن عن تشكيل الحكومة، وقد استمر الإجتماع لأكثر من أربع ساعات على خلفية تحذيرات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من التصعيد على الجبهة الإيرانية، وقد أشارت بعض المصادر الإعلامية أنه قد ناقش أحد السيناريوهات المطروحة وهو (قلق إسرائيلي من محاولة إيرانية لشن هجوم إستراتيجي على أحد المنشآت الحساسة في إسرائيل) بإستخدام صواريخ كروز على غرار الهجوم على حقول النفط في السعودية، الأمر الذي يتطلب حسب المصدر الإخباري التحضير لمثل هذا الهجوم والذي يعتبر (حدثاً معقداً) من ناحية ما يتعلق بقدرات الدفاع الجوي، الأمر الذي يتطلب وضع خطة دفاعية تحتاج لميزانية من مليارات الشواكل ..!! يأتي هذا الإجتماع في الذكرى السادسة والأربعين لحرب أوكتوبر للعام 1973م تلك الحرب التي وصفت (بحرب التحرير والتحريك في آن) والتي دمرت فيها الدفاعات الإسرائيلية على يد الجيش المصري (خط برليف على قناة السويس) وتمكن الجيش المصري من العبور إلى سيناء، وما أحدثه ذلك من تهديد جدي لأمن المستعمرة الإسرائيلية ولأول مرة منذ نشأتها في العام 1948م وبعد إنتصارها المدوي لعام 1967م على الدول العربية، ذلك اليوم الذي فقدت فيه جولدامائير ثقتها بوزير دفاعها (موشي ديان) واستنجدت مباشرة بوزارة الدفاع الأمريكية لتوفير كل الإمكانيات لوضع حد لهذا التهديد الإستراتيجي، ولم تتأخر وزارة الحرب الأمريكية عن ذلك والتي وفرت كل الإمكانيات لإعادة التوازن إلى جبهات الحرب الجنوبية والشمالية، وأحدثت إختراقها الشهير للجبهة المصرية والتي عرفت (ثغرة الدفرسوار) وأدت إلى وقف إطلاق النار وما تبعها من فرض مفاوضات فك الإشتباك ...الخ. وباتت المستعمرة الإسرائيلية وأمنها جزء لا يتجزأ من إستراتيجية الأمن والدفاع الأمريكية لتوفير الأمن والحماية لها من أي تهديدات جدية قد يشكلها العرب أو غيرهم في المنطقة، وقد تكرر وأثبت ذلك بعد غزو العراق للكويت سنة 1990م، حيث رفضت الولايات المتحدة إشتراكها في الحرب على العراق أو مجرد الرّد على الصواريخ التي أطلقها الجيش العراقي على (الكيان الصهيوني)، حيث كفتها الولايات المتحدة هذا الأمر، وقامت بالمهمة نيابة عنها، واليوم القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة سواء في البحار أو على اليابسة والتي يحتل أمن المستعمرة الإسرائيلية المكانة الأهم في خطط وإستراتيجيات هذه القوات، سواء من التهديدات اللفظية الإيرانية والتي مضى عليها أربعون عاما متوالية أو غيرها، بغض النظر عن حرفية تلك التهديدات التي لم تتجاوز ما تردده من شعارات جوفاء (الموت لإسرائيل، والموت لأمريكا) ولم نشهد منها سوى الموت للعرب والمسلمين سواء في العراق أو غيرها من الدول العربية التي امتد إليها النفوذ والتدخل الإيراني، ويأتي هذا بتنسيق واضح وجلي كما حصل في إحتلال أمريكا لكل من أفغانستان عام 2003م واحتلال العراق عام 2004م وتدمير نسيجه الوطني وتدمير مؤسسات الدولة العراقية وإطلاق يد إيران فيه كي تنتقم من العراق خاصة والعرب عامة، والذي قاتلها عشر سنوات متواصلة، وحال دون تمدد نفوذها في المنطقة ووقف تهديداتها للسيطرة على أمن الخليج وغيره. يبقى السؤال الذي يجب أن نبحث عن جواب له، هل فعلا إيران وتمدد نفوذها من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن إلى غزة، وغير ذلك يمثل تهديدا لأمن (المستعمرة الإسرائيلية) ؟!، إن جميع الشواهد والدلائل تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن إيران وتدخلاتها السافرة في الشأن العربي لا تمثل أي تهديد لأمن المستعمرة الإسرائيلية، بل أكثر من ذلك أنها تأتي في خدمة الأمن الإسرائيلي. لقد إستطاعت إيران أن تفعل بالشأن العربي ما عجزت عنه المستعمرة الإسرائيلية في إشغال العرب وضرب نسيج المجتمعات العربية وتدمير دول كانت تمثل إلى حد ما تهديدا مستقبليا إن لم يكن آنيا لأمن المستعمرة الإسرائيلية، فقد إنشغل العرب منذ العام 1979م بمواجهة التحدي الذي فرضته الدولة الإيرانية بعد الثورة على الدول العربية، والذي علا حدة على الصراع العربي الإسرائيلي بعشرات المرات، فحرب إيران مع العراق لمدة عشر سنوات متواصلة، ونشر الطائفية السياسية وتأسيس الأحزاب والحركات الإرهابية التي فتكت بالأمن القومي العربي، وإحلال (حزب الله) في لبنان محل الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية بعد عام 1982م تحت النفوذ الإيراني المباشر، لأجل تثبيت الحدود بين لبنان والمستعمرة الإسرائيلية (القرار 1701) وإطلاق يده في الدولة اللبنانية، كل ذلك جاء وفق إستراتيجية ضمان الأمن الإستراتيجي للمستعمرة الإسرائيلية، ويأتي في نفس السياق نشأة حركة حماس في قطاع غزة وتسليمها القطاع بعد الإنسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من القطاع، والرضا عن الإنقلاب الذي قامت به على السلطة الفلسطينية في 15/ 6/2007م والمستمر لغاية الآن برضا المستعمرة الإسرائيلية ودعمها ودعم ورعاية إيران باسم المقاومة والممانعة، متوافقا مع إستراتيجية المستعمرة الإسرائيلية في ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية وإضعاف م.ت.ف وإسقاط المشروع الوطني الفلسطيني، تحت شعارات تضليلية تتكامل فيها الخطط والسياسات الإسرائيلية الإيرانية الأمريكية الإخوانية. هكذا تستثمر حكومة المستعمرة أوهام التهديدات الإيرانية وشعاراتها الجوفاء، للتغطية على تدخلاتها السافرة وتهديداتها الحقيقية لكافة الدول العربية، على الأخص في العراق واليمن وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وكذلك جمهورية مصر العربية، والذي يخدم مباشرة ضمان الأمن الإستراتيجي (للمستعمرة الإسرائيلية) وتدمير الأمن القومي العربي، ويحدث التكامل بين دور المستعمرة الإسرائيلية والدور الإيراني في تهديد الأمن القومي العربي، وتدمير نسيجه الوطني والقومي، وتقاسم النفوذ فيه، وما يخلق أجواء متوترة وساخنة في المنطقة العربية، وجعلها تحت ضغط وتهديد مزدوج ودائم، يحول دون إحداث أي تهديد عربي لأمن المستعمرة الإسرائيلية مستقبلاً وإلى الأبد، ويسهل على المستعمرة الإسرائيلية تنفيذ مخططاتها التصفوية للقضية الفلسطينية ...!! طبعا هذه الرؤية وهذا التحليل نعلم مسبقا أنه لن يروق للمخدوعين والمفتونين بالدور الإيراني من العرب، والذين ينظرون إلى الدور الإيراني كما تسوقه المستعمرة الإسرائيلية أنه يمثل تهديدا مباشرا لها ..!! والذين جرى خداعهم بشعارات إيران، ودعمها لما يسمى بقوى المقاومة والممانعة، التي يجري إستخدام مقاومتهم وممانعتهم، أيضا للتغطية على هذه السياسات الصهيونية الأمريكية في المنطقة، الهادفة إلى شطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإعادة توزيع مناطق النفوذ والهيمنة بين القوى الإقليمية والدولية المتنافسة على العالم العربي. ليطمئن الكابينيت الإسرائيلي، ولينام الليل الطويل، وليسقط هذه الأوهام المتعلقة بالتهديدات الإيرانية له ولكيانه، فلن تعرض إيران أمن إسرائيل للخطر، ولن تستهدف أي منشآت حيوية له، وإنما تتكامل مع المستعمرة الإسرائيلية في الغاية والهدف، فإذا كانت إيران الشاه سابقا يطلق عليها شرطي الخليج وكانت تمثل حاجة أمريكية، فقد باتت اليوم إيران الثورة شرطي المنطقة العربية بأكملها، وتمثل أيضا حاجة إسرائيلية أمريكية، وهذا يوفر خدمة أفضل لأمن (إسرائيل)، وخدمة أفضل للمصالح الأمريكية، وللسياسة الأمريكية الهادفة إلى إبتزاز العرب كافة وفي مقدمتهم دول الخليج. د. عبد الرحيم محمود جاموس عضو المجلس الوطني الفلسطيني

التعليقات على خبر: الكابينت الإسرائيلي وأوهام التهديد الإيراني ..؟!

حمل التطبيق الأن