وعد بلفور ... و ليس عندي ما أقول بعد

وعد بلفور ... و ليس عندي ما أقول بعد .... من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي

  • وعد بلفور ... و ليس عندي ما أقول بعد .... من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي

افاق قبل 5 سنة

وعد بلفور ... و ليس عندي ما أقول بعد .... من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي

المحامي علي ابوحبله

في يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) يكون قد مر مائة واثنان عام على ما بات معروفاً بوعد بلفور، الذي بمقتضاه قام وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتوجيه رسالة إلى اللورد ليونيل آرثر روتشيلد، أحد قادة التجمع اليهودي البريطاني لكي ينقلها إلى «الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وآيرلندا»؛ ومحتوى الرسالة كان وعداً بإنشاء وطن «قومي» لليهود في فلسطين

كان اليهود هم الأكثر نجاحاً فعرفوا كيف يحولون الوعد إلى تصريح بالهجرة، وعرفوا كيف يحولون «الوطن القومي» إلى «دولة قومية»،

ذكرى وعد بلفور،  حيث القرار 181، والقرار 242، كانا من توابعه، وفي مجموعهم يشكلون مسيرة تحاول مراكز البحث، والجامعات أن تتفهم ما جرى فيها، وهل كان ضرورياً أن تمر جميع أطرافه بالتضحيات ذاتها، أم أنه كانت هناك اختيارات أخرى؟

ان خلق الحقائق على الأرض كان أقوى من المجادلات القانونية أو الأخلاقية؛ وهو الذي يظهر الفارق الأساسي ما بين النخبة السياسية اليهودية والنخبة السياسية الفلسطينية. الفارق لم يكن فقط في الاستيطان اليهودي على أرض لم تكن لهم من قبل، فقد كان الفلسطينيون على الأرض بالفعل؛ ولكن كان في القدرة على بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لم يكن لدى اليهود تلك المزايا العالمية التي يحصلون عليها الآن، فقد كان الشائع عالمياً أن اليهود قتلوا المسيح، وكانت النازية والفاشية معادية للسامية اليهودية، وفي أوقات كان اليهود لا يرحب بهم لا لاجئين ولا أفراداً في دول ومواقع كثيرة. على العكس، فإن الفلسطينيين أصحاب الامتدادات العربية، والذين كانوا يعيشون في بلادهم وعلى أرضهم، هم الذين فعلوا القليل لبناء نواة الدولة الفلسطينية ،  وعلينا أن ندرك القوة العسكرية مهما كانت لديها من قدرات لها حدود وهي وحدها لا تستطيع تحقيق أهداف أي من أطراف الصراع العربي ـ الإسرائيلي. فشل العرب في 1948 وفي 1967، ولكن الإسرائيليين فشلوا في 1956 وفي 1973؛ وأكثر من ذلك فشلوا في قمع الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، وعندما توقفتا كان ذلك نتيجة العمل الدبلوماسي والسياسي. إسرائيل مهما حققت من انتصارات عسكرية ظهر لها أنها لا تستطيع إخضاع الفلسطينيين ودفعهم إلى الخروج من فلسطين؛ وفي الوقت الراهن يوجد ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط قرابة  13 مليون نسمة، وهي الديموغرافيا التي تقف عقبه كاداء في وجه الامتداد للمشروع الصهيوني او ما يعرف اسرائيل الكبرى

 وهنا يستوقفنا مفهوم الصراع وفيه مثابرة وطاقة داخلية كافية لكي يستمر وتستمر معها القضية الفلسطينية وعلى المتصارعين التكيف مع واقع يتغير ومحاولة الاستفادة من كل جديد؛ و النتيجة هو أن التحولات الكبرى في مجرى الصراع حدثت فقط عندما جرى الحوار المباشر بين العرب واليهود، وبين الدول العربية وإسرائيل. حدث ذلك فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لسيناء ومحادثات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ومن بعدها الأردنية الإسرائيلية، وما بينهما ما نتج من اتفاقيات أوسلو التي أقامت لأول مرة السلطة الوطنية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية في حقيقة فلسطينية واقعة على الأرض لا يهددها فقط العنف الإسرائيلي، وإنما نسيان الفلسطينيين أن هدفهم هو إقامة الدولة التي لا تقوم على القسمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، أو تستسلم للعائلية والإقليمية التي تجعل من دولة المواطنة كعكة يجري تقسيمها على غير قاعدة المواطنة.

مائة واثنان عام على وعد بلفور، واثنان سبعون عاماً على قرار التقسيم، واثنان خمسون عاماً على حرب يونيو، كلها تحكي تراجيديا كبيرة تحتاج إلى القراءة مرة أخرى وليس البكاء على الأطلال؛ وربما الأهم إطلالة على المستقبل.

 

التعليقات على خبر: وعد بلفور ... و ليس عندي ما أقول بعد .... من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي

حمل التطبيق الأن