: الوصاية الهاشمية أبعدت خطر التهويد

عمرو: الوصاية الهاشمية أبعدت خطر التهويد والاقتســام المكـانــي وألزماني لمقدسـاتنــا

  • عمرو: الوصاية الهاشمية أبعدت خطر التهويد والاقتســام المكـانــي وألزماني لمقدسـاتنــا

اخرى قبل 4 سنة

عمرو: الوصاية الهاشمية أبعدت خطر التهويد والاقتســام المكـانــي وألزماني لمقدسـاتنــا

الدستور الاردنيه  - حوار المحامي علي أبو حبلة                       عبدا لحميد الهمشري

تواصل «الدستور» الالتقاء بشخصيات في فلسطين المحتلة حيث التقت في هذه الحلقة من اللقاءات بالسياسي الفلسطيني ورجل الفكر والباحث والكاتب السياسي المخضرم، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لشؤون الثقافة والإعلام، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين نبيل عمرو، وذلك لاستخلاص وجهة نظره حول المواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية ومستجداتها راهناً، وتأثيرات المواقف المتناقضة حولها ما بين الانتصار لفلسطين دولياً وانحياز أمريكا الأعمى للاحتلال والصهيونية وشرعنتها لانتهكات جيش الاحتلال ورعاع المستوطنين، في ظل تذبذب عربي في المواقف وتمسك أردني فلسطيني بثوابت لا يمكن التراجع عنها, وتالياً نص الحوار:

* الدستور: كيف تقيمون المرحلة الراهنة ومستجداتها بالنسبة للقضية الفلسطينية في ظل ما نشهده من تحالفات إقليمية ودولية تترك انعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية؟

- أعتقد أن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ مرحلة من مراحل وجودها، فلقد نشأت قضايا موازية وجميعها منافسة من حيث الأولويات، حيث أزيحت القضية المركزية بموجبها عن مكانتها التاريخية والدائمة في الحياة السياسية العربية وفي المنطقة، بفعل انصراف معظم الدول والكيانات لمواجهة تحديات محدقة بها، تطورت في العديد من المناطق إلى حروب مصيرية؛ ما غير وبصورة جذرية من التحالفات الإقليمية والدولية وجعل الشرق الأوسط ساحة حرب عالمية تدار فيها معارك مباشرة وبالواسطة، ومن خلال مراقبة مجريات هذه الحرب نرى أن الفلسطينيين هم أكثر الخاسرين بعكس الاسرائيليين فهم أول الرابحين، فمن كان يتصور أن إسرائيل ستحظى بدعم مزدوج من القوتين العظميين اللتين تتصدران الحياة الدولية أمريكا وروسيا، وينفتح المجال أمامها لتضرب في قطرين عربيين وقتما تشاء وكيفما تشاء، والمعني هنا سورية والعراق..أما القضية الفلسطينية ونأمل أن يكون ذلك مؤقتاً، فقد فقدت عمقها الاستراتيجي ولا أحد يعرف متى وكيف تستعيده.

* الدستور: ماذا عن صفقة القرن؟ مخاطرها، وكيف يمكن مواجهتها في ظل هيمنة يمينين متطرفين إسرائيلي وأمريكي؟ ومدى إمكانية فشلها أو نجاحها؟

- صفقة القرن التي تأجل إعلانها الرسمي عدة مرات منذ إعلانها قبل أكثر من عامين هي نمط جديد من أنماط العمل الأمريكي في المنطقة، الجديد أنها تطبق أولاً ثم تعلن أخيراً، كل المؤشرات التي انبثقت عن هذه الصفقة تؤكد مبدأ اعتمدته إدارة ترامب بأن حل القضية الفلسطينية يقوم بتصفيتها وفي هذا السياق فعلت إدارة ترامب ما لم تفعل مثله أي إدارة سابقة، لقد تجرأت هذه الإدارة على ما كانت تعتبر محرمات في الحياة السياسية الدولية، مثل اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، ومحاصرة الأونروا كمقدمة لتصفية قضية اللاجئين التي هي صلب القضية الفلسطينية، وإغلاق ممثلية منظمة التحرير في واشنطن وتقليص الدعم المالي إلى أدنى حد وكذلك إلحاق القنصلية الأمريكية التي كانت بمثابة ممثل رسمي أمريكي عند الفلسطينيين، كل ذلك تفردت بفعله إدارة ترمب أي أنها طبقت الجزء الأهم من صفقة القرن قبل أن تعلنه، وحين تضطر إلى الإعلان سنفتش بصعوبة عن مزايا ولو جزئية للفلسطينيين في نصوصها، ما تريده إدارة ترمب أن توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مفاوضات ليس حول أسس تسوية سياسية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية أو حتى إلى تفاهمات أوسلو وإنما تسعى إلى إجراء تفاوض حول ترتيبات تنفيذ ما تريده أمريكا وإسرائيل من صفقة القرن، كذلك فإن هنالك مؤشرات أكثر خطورة مما تقدم مثل تشجيع اليمين الإسرائيلي على المضي قدماً في إجراءات الضم والاستيطان، وبوسعنا فهم ما وراء تشريع أو شرعنة أمريكا لضم الجولان واقترابها من احتمالية ضم الأغوار، هنالك احتمال إيجابي ولكنه غير مضمون هو أن يغادر ترامب الموقع هو وإدارته لتأتي إدارة جديدة ربما تعيد بعضاً من التوازن إلى السياسة الأمريكية الشرق أوسطية بما في ذلك الجزء الفلسطيني منها.

* الدستور: ما شروط منظمة التحرير الفلسطينية للعودة للتنسيق مع أمريكا؟ وما صحة ما يتردد من قبل البعض عن توفر النية لتوجه وفد فلسطيني أمني وسياسي لزيارة أمريكا؟

- ليست لدي معلومات مؤكدة حول هذا الأمر ولو أنني لا أستبعد إمكانية محاولة استئناف العلاقات السياسية مع الإدارة الأمريكية، الفلسطينيون تراودهم رغبة في إعادة العلاقة كما كانت في السابق، أي ليست مقتصرة على الجانب الأمني؛ إذ من الصعب الحديث عن احتمالات تسوية دون علاقة سياسية مع الإدارة الأمريكية، هنالك مساحة لأن تستعاد هذه العلاقة دون الإذعان لمتطلبات صفقة القرن.

* الدستور: كيف تقيمون التنسيق الأردني الفلسطيني لمواجهة مخططات دولة الاحتلال وعن التوجه للتكامل الاقتصادي مع الأردن للتحلل والانفكاك من اتفاقية باريس الاقتصادية التي تحكم الاقتصاد الفلسطيني بأن تكون تبعيته المباشرة للدولة العبرية؟

- التنسيق الفلسطيني الأردني هو الآن في أفضل مستوياته، أما فيما يخص اتفاقية باريس فليس من السهل إلغاؤها من جانب واحد، لكن المشكلة ليست فقط في اتفاقية باريس وإنما في استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتطوير تغلغله في الحياة الفلسطينية من كل جوانبها، وهذا يعقد احتمالات ولادة مساحة كافية لاستقلال اقتصادي فلسطيني غير أن هنالك مساحة لتطوير العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الأردنية، ويملك الاشقاء في الأردن إمكانيات جدية لتطوير العلاقة الاقتصادية من خلال استخدام الأردن لأوراقه في علاقاته القائمة مع إسرائيل وأخال أن هذا الجانب يمارس بالفعل.

* الدستور: ما الخيارات والبدائل الفلسطينية في حال انعدمت رؤيا تحقيق الدولتين؟

- حل الدولتين يواجه صعوبات ولكنه لم يسقط من التداول الإقليمي والدولي، فما زال العالم وما زالت الأطراف ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ومنها الأردن وكل الدول العربية ودول العالم لا يرون بديلاً عنه كحل سياسي للقضية الفلسطينية، وكممر إجباري لتسوية جميع قضايا الصراع العربي الإسرائيلي. بين وقت وآخر تظهر مصطلحات كبديل عن حل الدولتين مثل الدولة الواحدة، وهذا البديل يجسد فرقاً موضوعياً بين حل الدولتين الصعب ومقترح حل الدولة الواحدة المستحيل، بدائل حل الدولتين تطرح عادة لتخويف إسرائيل من أن تصبح إذا لم تعمل بهذا الحل دولة ثنائية القومية. التركيبة الإسرائيلية الحالية لم يخرج منها أي مبادرة تفتح نافذة في الجدار، ذلك أن حكومة اليمين تسعى لخلق أمر واقع يحقق مقولة كان قد أفصح عنها بنيامين نتنياهو وهي، «للفلسطينيين عندنا حل نهائي يقوم على أساس حكم ذاتي زائد ودولة ناقصة وليسموا الكيان الذي يولد وفق هذه الصيغة بالدولة أو حتى الإمبراطورية».

* الدستور: الوصاية الأردنية على القدس والأماكن المقدسة، ما أهميتها وفق وجهة نظركم في حماية القدس والأماكن المقدسة من التهويد؟

- لا شك في أن الإقرار الإسرائيلي والترحيب الفلسطيني بالوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس وفر إمكانيات فعلية لدرء خطر التهويد والاقتسام المكاني والزماني لمقدساتنا وخصوصاً الإسلامية منها، إن الأحداث التي مرت خصوصاً فيما يتصل بالأماكن المقدسة من اعتداءات ينظمها المتعصبون اليهود أثبتت فاعلية الوصاية الأردنية ونجاعة استخدام الموافقة الاسرائيلية عليها في تحقيق نتائج ملموسة. في أمر السيادة على المقدسات فلا فرق بيننا وبين أشقائنا الأردنيين؛ فالتزامنا واحد وتراثنا واحد وهدفنا واحد.

*  الدستور: إعلان نتنياهو عن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت للدولة العبرية وضم المستوطنات وتراجعه عن هذا الإعلان مؤقتاً في ظل تحريك قضايا جنائية ضد الدولة العبرية، فهل يمكن المراهنة على محكمة الجنايات الدولية للوقوف في وجه التوسع الاحتلالي للدولة العبرية؟

- تراجع نتنياهو لم يكن عن مبدأ الضم وإنما عن توقيته وكيفية ممارسته وإعلانه، لهذا فهو تراجع تكتيكي ربما يكون لمحكمة الجنايات الدولية تأثير مباشر فيه، لقد رحبنا أردنيين وفلسطينيين بإعلان السيدة بنسودا المدعية العامة لمحكمة الجنايات، إلا أن ما ينبغي الانتباه اليه في هذا الشأن هو أننا حيال معركة معقدة سياسية وقانونية نواجه فيها إسرائيل وأمريكا اللتين تتحدان في المعركة ضد المحكمة والقائمين عليها، وستمارسان كل ما في استطاعتهما للحد من فاعليتها، إننا مطالبون بتنسيق تفصيلي فيما بيننا وتفعيل تحالف دولي معنا، وبالتأكيد سنجد من يقف وراء حقوقنا من منظور الالتزام بالعدالة وحقوق الإنسان ورفع الظلم والاضطهاد عن الشعب الفلسطيني الذي ما يزال وحده وعلى مستوى العالم يتعرض لاحتلال أجنبي ترفضه كل الشرائع والقوانين الدولية.

* الدستور: مسألة المصالحة الفلسطينية طالت، وما زالت تراوح مكانها، بتجرد، من يتحمل المسؤولية؟ ومن المستفيد الأكبر منها؟ وجهود الوساطة المصرية منها إلى أين وصلت؟ وبخصوص المصالحة وإنهاء الانقسام، هل من مبادرة وفق وجهة نظركم ممكن إطلاقها لاستعادة الوحدة الوطنية؟

- الانقسام الفلسطيني وصل الى حالة هي الأخطر منذ وجود القضية الفلسطينية، هي حالة تحول الانقسام إلى انفصال، فلكل طرف من الاطراف المتصارعة أجندته الخاصة به وتحالفاته المختلفة كلياً عن تحالفات الآخر، وعلاقاته المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل وبفعل ذلك كله مضافاً إليه تراث الفشل المتراكم لمحاولات إنهاء الانقسام، فقد تقدمت عملية التهدئة مع إسرائيل وجمدت بالمقابل جهود المصالحة. مصر تمسك بالملفين ولا أرى جهة غيرها قادرة على تحريك الأمور في أمر التهدئة والمصالحة، ولن تتخلى عن جهودها لإنجاز المصالحة ليس فقط بحكم التزامها تجاه الشقيق الفلسطيني ومصالحه وأهمية وحدته وإنما بفعل رؤيتها المسؤولة لأمنها القومي الذي تقع غزة بل وفلسطين كلها على رأس سلم أولوياته. إن مصر التي تخوض الآن معركة قوية ضد الإرهاب المتمركز في سيناء لن تسقط من حسابها العمل لترتيب الأوضاع في غزة ومعها وبين حماس والسلطة الوطنية في الضفة، أتوقع تحريكاً مصرياً لملف المصالحة بذات الزخم الذي تعودنا عليه.

* الدستور: هل هناك من تفكير جدي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية لاستعادة التوازن بين السلطات الفلسطينية الثلاث؟ وبرأيك ما هي المعيقات التي ما زالت تعترض إصدار المرسوم الرئاسي بإجرائها؟

- لست متأكداً من أن الانتخابات التشريعية والرئاسية ستتم في المدى القريب، والمتشائمون الكثر عندنا يذهبون إلى الاعتقاد بأنها لن تتم أساساً. الغالبية الفلسطينية تريد تجديد الشرعيات من خلال صناديق الاقتراع، وتريد كذلك إنهاء احتكار السلطة والقرار لدى فئة تكرس دورها بالتقادم، والغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني تريد مشاركة فعالة في القرار المتعلق بحياتها ومصيرها، وبالمقابل هنالك من لا يريد رؤية صندوق اقتراع ينتج طبقة سياسية جديدة ينتخبها الشعب. فيما مضى كانت هنالك مخاوف من أن تجري الانتخابات في الضفة دون غزة ولقد زالت هذه المخاوف بعد أن أكدت حماس موافقتها على الانتخابات ومشاركتها فيها وبقيت أمامنا الآن عقدة القدس.

في لقاء جمعني مع الرئيس محمود عباس بعد إعلانه عن استعداده لاجراء الانتخابات قال ان الشرعية الفلسطينية في خطر وانه هو آخر عناوينها كرئيس منتخب وبالتالي فإن الانتخابات العامة ستبعد هذا الخطر وتعيد الشرعية الفلسطينية إلى مسارها الطبيعي.

هنالك احتمال بأن تتعرض إسرائيل إلى ضغط دولي مؤثر كي توافق على إجراء الانتخابات في القدس مثلما حدث في المرتين السابقتين، وهنالك من يدعو عن الجانب الفلسطيني إلى خوض معركة مع الإسرائيليين عنوانها الانتخابات في القدس بما في ذلك وضع صناديق اقتراع حيثما تقرر لجنة الانتخابات المركزية داخل القدس، وإذا ما قامت إسرائيل بمصادرة الصناديق تحت سمع وبصر العالم، فإن الجانب الفلسطيني هو الرابح في معركة كهذه، الخلاصة إن الانتخابات العامة ضرورة قصوى وإجراؤها في القدس كذلك.

* الدستور: هل من كلمة تتوجهون من خلالها لتوضيح رؤيتكم في مجمل الوضع الفلسطيني؟ ورؤيتكم لآفاق المستقبل الفلسطيني؟

- أخيراً أرى أن طغيان الجانب السلبي على الحالة الفلسطينية من معظم جوانبها لا يلغي حقيقة أن الشعب الفلسطيني يمتلك أوراقاً استراتيجية هي في صالحه حين يحسن استخدامها في مواجهة الاستفراد الإسرائيلي في ظل عجز عربي عن تقديم المساعدة المطلوبة، وأهم هذه الأوراق الكثافة الشعبية المتزايدة للفلسطينيين على أرضهم وخصوصاً في القدس، وكذلك الاستعداد الفلسطيني الدائم للدفاع عن الحقوق والكرامة وهذا رأيناه وما زلنا نراه في كل مكان على الأرض الفلسطينية، فماذا بوسع الإسرائيليين أن يفعلوا مع شعب يعد بالملايين ويجمع على رفض الاحتلال، وخير مثال نسوقه هو الأهم والأصعب فكم أنفق الإسرائيليون على القدس لتفريغها من أهلها وتهويدها؟ فماذا كانت النتيجة حتى الان؟،إن رهان الفلسطينيين ويشاطرهم فيه الأردنيون هو أن الاحتلال لن يكون قدراً لا مناص من الإذعان له بل هو إلى زوال، الفلسطينيون يؤمنون بذلك ويعملون قدر استطاعتهم لجعل ما يؤمنون به حقيقة قائمة.

التعليقات على خبر: عمرو: الوصاية الهاشمية أبعدت خطر التهويد والاقتســام المكـانــي وألزماني لمقدسـاتنــا

حمل التطبيق الأن