تغيّر الآليات وتبدّل قواعد الاشتباك

تغيّر الآليات وتبدّل قواعد الاشتباك

  • تغيّر الآليات وتبدّل قواعد الاشتباك

افاق قبل 4 سنة

تغيّر الآليات وتبدّل قواعد الاشتباك

علي ابو حبلة

دخلت المنطقة منعطفا جديدا في صراع المصالح والاستحواذ على مناطق النفوذ، فبعد أن جهد محور واشنطن في تأليب الشارع العراقي واللبناني ضمن محاولات الانقلاب على قوى وأحزاب وفصائل تنضوي تحت إمرة طهران، جاء مقتل قاسم سليماني وابومهدي المهندس ليعيد خلط الأوراق في لعبة الصراع والاستحواذ على النفوذ في المنطقة ضمن تغير الآليات وتبدل في قواعد الاشتباك

نجحت القيادة الايرانية عقب عملية الاغتيال في تحشيد الشارع الإيراني والعراقي ضد الولايات المتحدة وكانت الحشود المليونية التي شاركت في تشييع قاسم سليماني وابوالمهدي المهندس تحمل دلالات مهمة في عملية التحشيد والتثوير وذروة التحشيد ما حمله مضمون خطاب نصر الله والذي رفع شعار إخراج القوات الامريكية من المنطقة .

في أعقاب الضربة الصاروخية على قاعدة عين الأسد والحرير، بات لدى الأميركيين، كما أصدقاء طهران، تصوّر واضح للمرحلة المقبلة في أعقاب الهجوم الصاروخي للحرس الثوري الإيراني ان الرد ليس سوى البداية لردّ فعل طهران وحلفائها ويحمل عنوان تغير الآليات وتبدل قواعد الاشتباك . وهذا القرار بات بمثابة استراتيجية للقوى المنضوية تحت جناح ومحور طهران، وأدنى أهدافه وغاياته إدخال الأميركيين في دائرة الاستهداف في المرحلة الجديدة. على هذا الأساس، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطابه الذي تأخر ليخرج به على الأميركيين والإيرانيين والوسطاء، بعد أن قرأ المستجدات واستوعب الضربة وتراجع عن تهديده بلغة حاسمة بالردّ على الردّ إذا طاول مصالح أميركية.

قادة إيران مجمعون على الاستراتيجية المعتمدة بعد عملية الاغتيال تصعيد لا يقود لمواجهة مباشره مع أمريكا ضمن الحفاظ على موازين القوه والمصالح الايرانية في المنطقة، و ظهرت في تصريحات مختلف المسؤولين، من الرئيس إلى وزير الخارجية، وصولاً إلى المرشد علي خامنئي. ما كان معلوماً قبل الردّ الأوّلي بات مؤكداً بعده. وهذه الاستراتجية في الردّ على عملية الاغتيال تم الاتفاق عليها في مجلس الأمن القومي الإيراني في اجتماعه الشهير وحددت هدفين: الأول، ضربة سريعة مباشرة وعلنية تُظهر الحزم وتُحقّق الردع وتُرمّم المعنويات. والثاني، استغلال لحظة العدوان لصياغة هدف استراتيجي يقلب أهداف التصعيد الأميركي، وهو ما عبّر عنه حلفاء إيران مجتمعين من خلال بياناتهم وصياغة ردودهم على عملية الاغتيال : «طرد الولايات المتحدة من المنطقة».

الردّ الثاني يتضمن برنامجاً عملياً على مدى غير قصير تُعنى به حركات ما يعرف تحالف محور ايران كافة، وليس فقط في الساحة العراقية. وعلى الرغم من التعليقات والتحليلات التي صدرت من أكثر من مكان حول أهمية سابقة كسابقة قصف قاعدة أميركية بصواريخ باليستية على بعد مئات الكيلومترات لا يتمّ اعتراضها بالمنظومات الدفاعية المتطورة، وهذا من شانه أن يقود لتصدّع تآكل قوة الردع الامريكية، وان الانتقام الإيراني بصورته الباردة يحمل مؤشرات تقود أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من عملية الصراع وان عملية الرد ستبقى على الطاولة في إطار معركة الاستنزاف أو بموازاتها، وعمدت إيران إلى محاولة استيعاب الحدث وتعمدت تفويت مشهد سقوط قتلى أمريكيين بشكل مؤلم وتفويت الفرصة على اليمن الاصولي الذي يدفع باتجاه تصعيد الصراع مع إيران وصولا للحرب معها وشل قدراتها لصالح الإخلال بموازين القوى لصالح إسرائيل وتحقيق أمنها . هذه المعركة فُتحت من اليوم بوجه الوجود الأميركي العسكري في الإقليم، ما يعني أن مصالح واشنطن وحياة جنودها ستبقى تحت التهديد الأكيد والخطر وهذا ما دفع واشنطن لإعادة تموضع وانتشار قواتها في المنطقة.

التعليقات على خبر: تغيّر الآليات وتبدّل قواعد الاشتباك

حمل التطبيق الأن